تُشكل الموارد البشرية ركيزة أساسية للتنمية، حيث تُمثل ثروةً قيّمةً تساهم في تقدم المجتمعات. ويُعدّ الاهتمام بالمعاقين مؤشراً هاماً على هذا التقدم، انعكاساً لتطور الرعاية الاجتماعية، وقد حظي المعاقون باهتمام محلي، إقليمي، وعالمي، ركز على تحسين الخدمات العلاجية، التأهيلية، والتنموية المقدمة لهم، بما يكفل حقوقهم المُقررة دينياً ودولياً. شهد القرنان العشرون والحادي والعشرون تطوراً كبيراً في رعاية المعاقين، مدفوعاً جزئياً بنقص القوى العاملة بعد الحروب العالمية، والعوامل الاقتصادية الناتجة عنها، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية المصاحبة. وقدّمت بعض الدول تشريعاتٍ تنظم هذه الرعاية وتُكفل حقوق المعاقين. يُعدّ مجال رعاية المعاقين من أهم ميادين الخدمة الاجتماعية، حيث يسعى الأخصائيون الاجتماعيون لتمكين المعاق من التوافق مع بيئته، وتوفير الظروف المناسبة للاستفادة من الرعاية، وذلك عبر العمل في مؤسسات تأهيل المعاقين جسمانياً، حسياً، أو عقلياً. كما أصبح هذا المجال جزءاً من مناهج الدراسة العليا في الخدمة الاجتماعية. ويُلاحظ الاهتمام العالمي الحالي برعاية المعاقين، حيث أعلنت الأمم المتحدة عام 1981 عاماً دولياً للمعاقين. نظرة تاريخية لتطور رعاية المعاقين: عانى المعاقون تاريخياً من الإهمال والاضطهاد في العديد من المجتمعات، على عكس مصر والهند. ثمّ جاءت الديانات السماوية بتعاليمها السامية، لتُسهم في نشر أنظمة الإحسان كوقف الأراضي في مصر والملاجئ في فرنسا. وتميز المجتمع الإسلامي بنظرته الإيجابية للمعاقين، حيث اهتم الخلفاء برعايتهم وتوفير المساعدة لهم، كما فعل عمر بن عبد العزيز الذي دعا لإحصاء المعاقين وتوفير المرافق لهم. وفي العصر الحديث، ساهمت الثورات الاجتماعية في الاهتمام بحقوق الإنسان، بما في ذلك المعاقين، وتطورت وسائل تعليمهم كطريقة برايل وقراءة الشفاه. بعد الحرب العالمية الأولى، أدّى العدد الكبير من المعاقين إلى تطوير معاهد التأهيل المهني، وتطور الجراحة والأجهزة التعويضية، ثمّ جاء إعلان حقوق الإنسان ليُعزز النظرة الإنسانية لرعاية المعاقين. لم تتخلف مصر عن هذا التطور، حيث استخدم المكفوفون في الدولة المصرية القديمة، كما تميزت مصر الإسلامية بإنشاء المستشفيات وبيوت المال. وفي العصر الحديث، أنشأت جمعيات خيرية عديدة لرعاية المعاقين، ثمّ صدر قانون الضمان الاجتماعي عام 1950، والعديد من القوانين الأخرى، وكان لاهتمام الحكومة بعد حرب أكتوبر 1973 دورٌ كبير في إنشاء مدينة الوفاء والأمل. تعريف الإعاقة والمعاق: تعددت تعريفات الإعاقة، منها تعريفها بأنها قصور في الأنشطة، أو حالة إكلينيكية تؤثر على العمليات الفسيولوجية والسيكولوجية، أو قصور وظيفي في الأنشطة العادية، أو عدم القدرة على أداء عمل يستطيع غيره القيام به. كما تعددت تعريفات المعاق، منها من يفتقر لإمكانيات الحصول على عمل مناسب، أو من يعجز عن الاعتماد على نفسه، أو من يختلف عن الأشخاص "السويين" ليحتاج لتأهيل خاص، أو من ينحرف عن مستوى أقرانه ليحتاج لخدمات تربوية خاصة. وتستخلص من هذه التعاريف أن أساس الحكم على شخص ما بأنه معاق هو وجود قصور يعوقه ويجعله بحاجة لمساعدة، أن أسباب هذا القصور وراثية، مرضية، أو اجتماعية، وأن أنماط هذا القصور متعددة (جسمي، عقلي، حسي، اجتماعي، نفسي)، وأن هذا القصور قد يعوق التكيف مع البيئة ويستوجب جهداً تأهيلاً.