أن المعنى والمبنى متلازمان، فالمعنى بمنزلة الروح والمبنى بمنزلة الجسد، والبليغ من خاط الألفاظ على قدود المعاني، فيجب الانتباه حين دراسة النص إلى طابع الأديب فيه، هل يعتني بالمعاني أكثر أو بالألفاظ أكثر أو بالمعاني والحلية اللفظية معا؟ وهنا يجب أن ننتبه إلى ارتباط المعنى باللفظ وإلى صعوبة التفريق بينهما تفريقا يسلخ أحدهما عن الآخر، فالقوالب اللفظية والصور البيانية والمحسنات البديعية هي أوعية المعاني وأردية الأفكار، فهي لا تبهر العين ولا تدغدغ الأذن ولا تخلب اللب وتهز العاطفة إلا بمقدار ما فيها من جمال وتأثير وعفوية. فالأسلوب هو الرجل، هذا الأسلوب، هل يُطنب أم يُوجز، هل يقتبس من القرآن الكريم والحديث الشريف والكلام المأثور أم لا؟ هل يكرر جمله ويكثر من المؤكدات؟ وهل يُجيد الوصل والفصل وحسن التخلص ؟ هل يعمد إلى الأسلوب الإنشائي أم الخبري؟ وما نوع أسلوبه؟ هل هو أسلوب حوار وتخاطب أم أسلوب سرد وقصة؟ هل كان في استعاراته وصناعاته البديعية متكلفا أم جاءت عفو الخاطر والبديهة؟ هل هو صاحب شخصية في هذا الأسلوب؟ وما طابع أسلوبه العام؟ بل ما قيمة أسلوبه من الناحية الفنية نوضح كل هذا ونحن ندرك أن هناك مواطن (لا تعلل) يبدو فيها النص جميلا كجمال الموسيقى وجمال العاطفة وملاءمتها لهوى النفس مما يُدرك بالحدس والذوق الأدبي، ويجب أن نعلم أن مبلغ التأثير هو مقياس الإجادة الفنية .