وينطبق عليه في اغترابه عن قومه الكافرين حديث الرسول محمد (ﷺ): (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، وهو في حبه لرسول الله (ﷺ) لا يرضى أن يمسه الأذى ولو كانت حياته فداء لعافيته وسروره، فلا يستطيع أن يفهم ذلك التواصل الروحي العميق بين المسلمين ونبيهم () وبينهم وبين دينهم، فهو لا يخشى الموت ولا يهابه ما دام موته سيقيه نار جهنم، ومن قصد البحر استقل السواقيا الأوراق الذهبية الشاملة في مادة "ادب صدر الإسلام"، - إن الفكرة العامة للأبيات هي وصف المشهد الأخير للشاعر قبل وفاته. والشخصيات التي في النص هي: الأحزاب الذات الإلهية، )، ومن خلال صفتهم كلهم مبدي العداوة)، لكنها تتحول وتظهر في وجه صاحبها وتكون في بعض الحركات أيضًا. و ظهرت شخصية الشاعر بضمير المفرد الدال عليه (حولي، يتلقى أفعال الأحزاب وعداوتهم وسبب ذلك تجميد حركته بالميثاق الذي قيده إلى جذع الشجرة، بدأ المشهد بحركة أفقية عنيفة وقوية. وقد تحدث عن الزمن الماضي وليس المضارع، والفعل الوحيد الذي جاء معه هو (قربت) المبني للمجهول فالأحزاب يحركونه كما يحركون الجهاد، لكنها في الصدر الإسلامي حاضرة دائما، يستمد المؤمن منها قوته، فالمسلم لا يتعامل فقط مع عالم الواقع، إنما يلجأ إلى العالم الغيبي والتفاعل معه بسلام. وحدد معاناته بدقة (غربتي، لأنه ينتمي لدين يغاير دين هؤلاء الأحزاب، فغربته ممتدة زمانيا ومكانيا، ونشأ عن هذه الغربة كرية، وهي وجوده منفرداً وحيدا أمام أحزاب تعاديه. - إنه يعاني من وحدته أمام أحزاب الكفر ويعاني من ضعفه من جذع الشجرة الكبير، يعاني من قوة الإنسان العاشم الذي يسحق من يخالفه الرأي، ومن قوة الطبيعة (الشجرة العظيمة التي سيصلب عليها). لكنه عرف المستقبل وتخيل مصرعه وتجسدت الرؤية واقعا محتما في كلمة (مصرعي) مضافة إلى ضمير المتكلم، والعرش رمز الملك والعزة والقوة والسلطة، لأن في ذلك اعترافا بعجز ! ا بعجز المرء مقابل الذات الإلهية، فقد استلهم ! الصبر (صبرني) وعرف أن لا ملجأ له سوى طلب الصبر. وعندما تشربت نفس الشاعر الإيمان تلاشت (الأنا) وانمحت الفردية مقابل الذات الإلهية حين عرفت الله وآمنت به بعيدا عن معتقدات القوم التي ساروا عليها. - ثم يصف جسده ( وقد هَملَتْ عيناي من غير تجزع)، لكن الجسد المادي الكثيف لا بد أن يهتم بالماديات ويتأثر بالواقع المادي. - وظهر هذا التأثر بدموع العين، إنما هو ردة فعل طبيعية، لكنه يخشى النار المشتعلة المحيطة به. - فوالله ما أرجو: يعمد الشاعر إلى القسم بإيقاعه القوي، والشاعر بعد أن استمد القوة من الله تعالى يريد تأكيد حقيقة غفلها من حوله، - فلست بميد للعدو تخشعا: لن أمنحهم ما يأملون من التخوف والجزع، وكانت الحركة الروحية الأخيرة للشاعر (مت مسلما) التماهي مع الله،