يقدم وولف الاستعمار الصهيوني كنموذج حي للاستعمار الاستيطاني الحديث. المشروع الصهيوني منذ بداياته قام على فكرة إحلال مجتمع يهودي محل المجتمع الفلسطيني الأصلي. وهذا الإحلال لم يكن يعتمد فقط على تهجير السكان الفلسطينيين، مما يجعلها مشابهة جدًا لسياسات الاستعمار الاستيطاني في أماكن أخرى مثل أستراليا. يربط وولف بين الاستعمار الاستيطاني والإبادة الجماعية بطريقة تتجاوز الفهم التقليدي للإبادة كعملية قتل جماعي مباشر. إذ يهدف إلى محو السكان الأصليين من الوجود ككيانات اجتماعية وثقافية مستقلة. من النقاط المهمة التي يطرحها وولف هي العلاقة بين الاستعمار الاستيطاني والاقتصاد الرأسمالي. لذا يتم نزع ملكيتهم للأرض وتحويلهم إلى عمالة رخيصة، فإن السكان الأصليين يُدفعون إلى العيش في ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية تجعلهم غير قادرين على الاستمرار. يشدد وولف على أن الاستعمار الاستيطاني يجب فهمه كبنية مستمرة وليس كحدث انتهى بمجرد تحقيق الاستقلال السياسي. وتعمل على إعادة إنتاج الهيمنة على السكان الأصليين. يعتبر وولف أن الاستعمار الاستيطاني هو نموذج للتحول الاجتماعي والثقافي القائم على العنف والإقصاء، بل قضية معاصرة لها انعكاسات مباشرة على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. هذا الفهم يجعل من دراسة الاستعمار الاستيطاني أداة ضرورية لفهم جذور الظلم الحالي وكيفية مقاومته.