- االدينُ مؤسسا على العقل وحدهلا يكونُ حظّهُ من الصواب إلّا قليلا، أنّ فلسفة كانط النقدية، لم تكن في حقيقتها سوى مجموعة من المؤلفات الفلسفية، بالغة الأهمية في تاريخ نقد العقل و فحص مؤهلاته المعرفية، و ما لا يتمكّن من معرفته أبدا.مثلما لا يكون حظّه من النجاح إلّا قليلا أيضا، مفادها، أنّ غاية كانط القصوى هي تأسيس علمٍ للميتافيزيقا على غرار علم الرياضيات و المنطق الصوري. و هي، بأنها، محاولته الفريدة في نشر تعاليم دين جديد يتأسس على خصوصية تلك المؤلفات ذاتها، دين يكون العقل وحده مصدرا لتعاليمه كلّها، يقول كانط في تصديره لكتابه نقد العقل المحض " فبهذا النقد وحده، يمكن أن تُقتلع من الجذور: المادية القدرية و الإلحاد و الزندقة و التعصب، أي كل ما يمكن ان يصبح مضرّاً بعامة، و أخير أيضا المثالية و الريبية اللتان تهددان المدارس بخاصة حيث يصعب انتشارها بين الجمهور. فلو تفضلت الحكومات بالاهتمام بشؤون العلماء لكان من الأجدر بعنايتها الحكيمة إنْ بالعلوم ام بالإنسان أن تشجّع حرّية نقدٍ كهذا من حيث يمكن ان يسهم في وضع أسس ثابتة للمعالجات العقلية"2- الانحراف الأكبر في مسار الفلسفة إذا أخذنا أيّ مجلّدٍ في اللاهوت المدرسي أو في الميتافيزيقا المدرسية،هل يتضمن تعليلات تجريبية حول وقائع الوجود ؟ - كلّا.إذن إرمه في النار، لأنه لا يمكن أن يتضمّن سوى سفسطات و أوهام )- - ديفيد هيومفي لحظة استشراف لمستقبل الفلسفة ، ربّما كانت هي الأعمق في تاريخ الفلسفة كلّه، رأى ذلك الشابُ الاسكتلندي الأعزب، حدّثَ نفسه بضرورة وضع ستراتيجية فلسفية مستقبلية تسفر بعد تحققها عن مشهد القضاء على الدين، لا في الفكر الأوربي فحسب، بل و في أذهان الناس أيضا.كانت ستراتيجية تقوم على عدة خطوات، منها : العمل على ضرورة فكّ الارتباط بين الدين و الفلسفة، عن طريق ربط المعرفة الإنسانية كلّها بالتجربة، و هكذا أسس بنوع فهمه التجريبي هذا الى مشروع العمل الكانتي بأجمعه – على اختلاف كانت معه – مثلما مهّد و عبر الفهم نفسه لظهور أكبر مدرسة فلسفية تبنّتْ على عاقتها طرد الميتافيزيقا و الدين من نطاق التفكير البشري، أعني " الوضعية المنطقية " و " حلقة فيينا " حيث أعلن أعلام هذه المدرسة: بأنّ قضايا الدين و الميتافيزيقا هي نوع قضايا زائفة، أو أنها في أحسن الأحوال، أشباه قضايا بسبب من عدم إمكان التحقق من صحتها أو كذبها عن طريق التجربة، و هو نفس المبدأ العلمي الذي تبناه من بعد أصحابُ النزعة الطبيعية من العلماء، حين أعلنوا أن الطبيعة و المنهج التجريبي هو المصدر الوحيد للمعرفة.و لئن كانت هذه الخطوة من ستراتيجية تخصّ الفلاسفة و العلماء وحدهم، ستكون شاملة للبشر جميعا، حيث أعلن هيوم : أن الانطباعات الحسية أسبق من الأفكار في الذهن البشري، إنها في المقام و المرتبة الأولى، أما الأفكار فهي في المرتبة الثانية، و لأنّ السواد الأعظم من الناس يميلون بطبعهم الى تفضيل الحواس و المشاعر على العقل و الأفكار، وجدت هذه الفكرة الخطيرة مكانها الواسع في حيّز الذهن البشري، فأصبح الناس يعنون بحياتهم الحسية أكثر من عنايتهم بالحياة العقلية، و ليس يخفى ما لمضمون هذه الفكرة ذاتها من أثر عظيم في فلسفة نيتشه، مثلما لا يخفى ما لفلسفة هيوم من أثر عظيم في فلسفة كانط، الذي قال عن هيوم " لقد أيقضني هيوم من سباتي الدوغماتي "على الرغم من أن فلسفة كانط، قد عملت في كثير جداً من مبادئها على تفنيد و تصحيح مبادئ فلسفة هيوم.3- اللجوء الى الدعاءليس اللجوءُ الى الدعاء وهماً من أوهام المؤمنين بالله، كما ينظر المنكرون لمثل هذا الممارسة النفسية. من حيثُ أنّ الكثير ممن يلجأون الى الدعاء في أوقات شدّتهم، بعد الفراغ من دعائهم مباشرة. لا يعدو كونه وهماً من الأوهام أيضا،قلت له : بل الوهم كلّه في الذهاب الى اعتقادٍ مثل هذا، أنه لا يحقّ لك الحديث عن تجربة لم تمارسها بنفسك، أعني أن عدم لجوئك الى الدعاء في ساعة العسر، لا يمكن أن يؤدي، الى نتيجة مفادها ، لا يمكن لأحد الحصول على راحة البال من خلال لجوئه الى الدعاء.أمّا الآخر فهو، أنْ لا فرق – في علم النفس الحديث – بين سعادة حقيقية و أخرى متوَهّمَة،