وبينما أسفرت وفاة الرشيد عن تبعية القبائل المرينية البني حفص، لم تلبث مدينتا سبتة وطنجة أن أعلننا تباعا عن بيعتهما للخليفة المرتضی مجرد قيامه بالأمر مع مطلع سنة ذلك أن هذه البيعة قد أعلنت يوم 27 رمضان من سنة3/647 يناير 1250 على إثر موت أبي زكرياء الحفصي بعنابة وهو في طريقه إلى المغرب برسم غزوه علنا هو الآخر. بل إن هذه المدينة قد ذهبت إلى أبعد من هذا فقرنت انتفاضتها بالتصفية الجسدية الممثل أبي يحمي المريني قبل أن يعبث أهلها بقصر هذا الأخير. والواقع أن هذه المواقف لم تكن وليدة الصدفة وإنما جاءت منسجمة مع الوضعية الخاصة بكل طرف على حدة. فأبو بحبي قد سلك مسلكا مناسبا للتوجه المتبني مؤخرا من قبل بني مرين على مستوى الغزو. بمعنى أن الأمر لم يعد يقتضي مجرد القيام بعمليات فب عابرة وإنما أصبح قائما على تدخلات تقدم على أنها مدعمة بالمشروعية الحفصية بتونس. هنالك استشعار ببعض التخوف لدى كل من مدينة سبتة ومدينة فاس على الأخص وكذا بالنسبة لسجلماسة فيما بعد، وهو تخوف راجع للاهتمام الطارئ لدى المرينيين بمجموع المحور الطرقي الواصل بين منطقة فازاز وبلاد تادلة حسبما يتبين. ذلك أن هذا المحور امتدادا متصلا بين كل من منفذ سلا ومدينة سبتة وبين عاصمة التبر المحصنة باستماتة القبائل المحاورة التي ظلت مدعومة من قبل العاصمة إلى أن أبرمت الهدنة التي عقدها المرتضی مع الخصم المريني سنة 1255/653 فكانت بداية لتنازل هذا الأخير من خلال ما ترتب عن الهدنة من استسلام المدينة ودخولها في حوزة بني مرين لأول مرة. وهكذا يتبين لنا أن القبائل المرينية قد ارتاحت لتفويضها من قبل الحاكم الحفصي وحصولها على المشروعية التي أسبغها عليها فعملت على اقتطاع قاعدة مجالية مكتملة الجوانب. ذلك أن القاعدة المشار إليها قد ضمت بلاد درعة ومدينة سجلماسة كما ضمت المعبر الترابي الجامع بين بلاد تادلة ومنطقة فازاز، وهو معبر يربط بين هذه المنطقة الأخيرة ومدينة صفرو. وبذلك نرى أن عبد الحق سوف يوصف كحد أعلى لأمراء بني مرين وكأنه ولي صالح بينما يتم تقديم كل من ابنيه عثمان وأبي معرف على أنهما قد سلكا سلوكا نموذجيا منذ البداية. وبالتالي فإن نفس الإسطوغرافية قد لخصت مسار أبي يحي فجعلت منه قمة خالية من كل تبعية أو تأثير خارجي.