يتمثل عنصر السبب في القرار الإداري في مجموعة الوقائع التي تسبق القرار وتدفع إلى إصداره، فهو إذن المبرر والدافع إلى اتخاذ القرار الإداري، ويمكن تعريفه قانونا بأنه مجموعة من العناصر الواقعية والقانونية التي تسمح للإدارة بالتصرف واتخاذ القرار الإداري، والسبب في قرار تعيين أحد الأفراد في وظيفة عامة هو خلو هذه الوظيفة ممن يشغلها وحاجة الإدارة إلى شغلها تحقيقا للصالح العام، ويلعب عنصر السبب في القرار الإداري دورا هاما في الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وعلى الأخص من حيث ملاءمتها، فقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي القديم وعلي قمته الفقيه ديجي إلي إنكار دور السبب في القرار الإداري، فالأسباب أو كما يسميها البواعث الملهمة لا يمكن أن تؤثر في القرار الإداري استقلالا لأنها أمر خارج عنه ولا تدخل في نطاق العمل الإداري، وإنما تمثل في ذات الوقت أساس القرار الإداري وسبب وجوده، ولذلك فإن الرأي الراجح المتفق عليه اليوم هو الاعتراف بعيب السبب باعتباره عيبا مستقلا عن أوجه إلغاء القرار الإداري الأخرى ذات العلاقة به مثل عيبي مخالفة القانون والانحراف بالسلطة . وبالنسبة لدور المشرع في تحديد أسباب القرارات الإدارية فانه لا يتخذ موقفا موحدا، فقد يتجه المشرع إلى إلزام الإدارة باتخاذ تصرف محدد بالذات بمجرد توافر شروط معينة يحددها القانون، والغالب أن يمنح المشرع للإدارة قدر من السلطة التقديرية في ممارسة اختصاصاتها فقد يعمد إلى أن يحدد فقط ما ينبغي عليها اتخاذه من قرارات إذا حدثت وقائع معينة، فإن الإدارة تملك قبول الطلب أو رفضه ولكنها إذا قبلته لا تملك إلا إصدار قرار بالإحالة إلى المعاش بناء على طلب الموظف، وهناك احتمال أن يترك المشرع للإدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار السبب فلا يحدها بأية قيود بمراعاة حالات واقعية معينة، وفي هذه الحالة يتضاءل دور السبب في مجال الرقابة على مشروعية القرار دون أن يكون لذلك أثر في وجود السبب كأحد عناصر القرار الإداري، فإذا كانت السلطة التقديرية الواسعة التي تتمتع بها الإدارة في هذه الحالة تؤدي إلى تعذر الرقابة على مشروعية السبب، إذ ليست هناك قرارات مجردة بدون سبب فلكل قرار إداري سببه سواء كشفت جهة الإدارة عن هذا السبب أم لم تكشف عنه، ويؤكد ذلك أن للمشرع أن يلزم الإدارة في مثل هذه الحالات تسبيب قراراتها، وهو أمر وإن كان يتصل بعنصر الشكل في القرار الإداري كما بينا سلفا إلا أنه يؤدي إلي تحقق الرقابة على السبب في هذه القرارات. وعليه استقر القضاء الإداري في هذا الصدد على أن القرار الإداري سواء كان لازما تسبيبه كإجراء شكلي أم لم يكن هذا التسبيب لازما يجب أن يقوم على سبب يبرره صدقا وحقا أي في الواقع وفي القانون، وذلك ركن من أركان انعقاده باعتبار القرار الإداري تصرفا قانونيا ولا يقوم أي تصرف قانوني بغير سببه وأنه وإن كانت الإدارة غير ملزمة ببيان أسباب قراراتها إلا حيث يوجب القانون ذلك عليها، فإذا استبان لها أنها غير صحيحة ماديا أو أنها تنطوي على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه او تأويله أو على إساءة استعمال السلطة،