الأسس الطبيعية لقوة الدولة ذكرنا في الجزء السابق أن الدولة هي أكثر الظاهرات السياسية وضوحًا وتحديدًا على خريطة العالم السياسية، وهي أى الدولة - لا زالت المحور الأساسى للاهتمام فى مجال الجغرافيا السياسية من بين كل الظاهرات السياسية على خريطة العالم. ومن ثم يصبح من الضروري تحليل الجوانب المختلفة الطبيعية والبشرية والاقتصادية للدول وذلك من أجل فهم السلوك السياسي للدول وإدراك علاقاتها السياسية الداخلية والخارجية والوقوف على مدى قوتها وتوجد بين الدول نقائض ونظائر فكل دولة تتشابه مع الأخرى في أن لها قطعة من الأرض ذات حدود سياسية، وبها جماعة من الناس يعيشون على أرضها ولها حكومة تنظم علاقة السكان بالأرض وتبسط سيادتها على نطاقها الإقليمي، والدول في هذه العناصر الأربعة التي تشكل الدولة تتباين في كل شيء من الأرض إلى السكان إلى السلطة إلى السيادة والغرض الأساسي من هذا التناول لخصائص الدولة هو معرفة الإيجابيات والسلبيات والمفهوم بلغة الحساب هو ما للدولة وما عليها، وسوف نبدأ في هذا الفصل تناول الأسس الطبيعية للدولة ثم يعقب ذلك تناول باقي الأسس في الفصول التالية. ثم السطح والمناخ والحياة الطبيعية. ينظر الجغرافي عادة للموقع الجغرافي من بعدين: الأول متعلق بالموقع الفلكي للظاهرة وهي هنا الدولة والآخر الموقع النسبي. ويمكن تناول الموقع الجغرافي وأثره في الجغرافية السياسية لأي دولة من خمس زوايا : ب الموقع بالنسبة لليابس والماء د - المواقع الهامشية والمركزية. والناظر إلى خريطة العالم السياسية اليوم يلاحظ أن الدول المتقدمة بعامة والقوى الكبرى بخاصة توجد في النطاقات المناخية المعتدلة بينما الدول النامية بعامة والفقيرة بصفة خاصة توجد في المناطق المدارية مرتفعة الحرارة ولقد ذهب البعض في تفسير ذلك إلى أن المناطق المعتدلة بطبيعتها تدفع الإنسان إلى النشاط والعمل بينما المناخ المداري الحار يدفع الإنسان إلى الكسل و الخمول وهذه نظرة استعمارية تبرر سيطرة الرجل الابيض علي سكان المناطق المدارية وعندما أصبحت الصناعة هي رائدة النشاط البشري انتقلت الحضارة إلى الشمال حيث معقل الثورة الصناعية. ومن ناحية أخرى فإذا كانت الدول المتقدمة في عالم اليوم رائدة الحضارة الحالية توجد في الشمال المعتدل فإن الحضارة الإنسانية لم يصنعها شعبًا بعينه وإنما الحضارة البشرية هي ميراث كل الشعوب التي اشتركت في نسج قصتها منذ القدم. ولعل خير ما عبر عن تلك هو رئيس وزراء فرنسي سابق "موريس كوف دي مورفيل" حيث قال إن البحر المتوسط لا يفصل بين شمال وجنوب، ومن ناحية أخرى فإن المناخ لم يقف أمام الإنسان، بل إن جنوب الولايات المتحدة الأمريكية يدخل ضمن المناخ المداري، فهل هذا يعنى أن هذه المناطق فقيرة؟ - يُعد موقع الدولة بالنسبة للمسطحات المائية عنصرًا مهما في جغرافيتها السياسية، وفي توجهها السياسي وذلك حسب أهمية المسطح المائي الذي تطل عليه الدولة من ناحية، والظهير وتصنف الدول عادة إلى دول بحرية ودول قارية أي داخلية وتصنف الدولة بأنها بحرية إذا كانت تطل على مسطح مالي حنا لها خارجي بمعنى أن هذا المسطح المائي له اتصال بالعالم الخارجي إذا لا تنصف اوغندا مثلا دولة بحرية حيث توجد لها حدود بحرية علي بحيرة فيكتوريا مثلا و كذلك الحال في بعض جمهوريات اسيا الوسطي المطلة علي بحر قزوين على أن أهمية المواقع البحرية الدول تتباين طبقا لـ: 1- طول السواحل. 2- أهمية المسطحات المائية. 3- الظهير الساحلي. أي جزر، كما أنها تستفيد من الطرق البحرية وحركة التجارة العالمية حالة مصر مثلا كما أن سواحلها على المحيط المتجمد الشمالي لا قيمة لها بالنسبة للدولة في حركة الملاحة واتصالها بالعالم الخارجي حيث تتجمد مياه المحيط كل فصول السنة تقريبا، كما أن وجود الشعاب المرجانية والصخور قبالة سواحل الدول حد (قلل) من إنشاء الموانئ وبالتالي حركة التنقل والتجارة. وهناك نقطة مهمة فيما يتعلق بالمواقع الساحلية للدول عموما خاصة التي توجد الآن في النطاقات الحارة والمعتدلة حيث أصبحت هذه المناطق الساحلية مهمة للدولة في تنشيط حركة السياحة الترفيهية فى هذه الدول خاصة منذ منتصف القرن العشرين، حيث أصبحت السياحة بعامة والسياحة الترفيهية بوجه خاص من أهم الأنشطة الاقتصادية في عالم اليوم ويكفى أن نقول في هذا الخصوص إن السياحة الدولية أصبحت أكبر سلعة تصديرية منفردة على خريطة التجارة الدولية الآن. وهي الآن قطب الجذب السياحي الخارجي والداخلي، وعلى العكس من الدول البحرية هناك الدول الحبيسة وهي الدول التي لا تطل على أي من المسطحات المائية المفتوحة بأي منفذ ونظرة واحدة على خريطة العالم توضح عدد الدول الحبيسة مالعالي في العالم والتي بلغ عددها 43 دولة موزعة كالتالي: أوروبا 14 دولة. آسيا 12 دولة. أفريقيا 15 دولة. أمريكا الجنوبية 2 دولة قامت ومن الجدير بالذكر أن هناك بعض الدول شبه الحبيسة حيث تطل بجهة بحرية واحدة ضيقة كحالة العراق والأردن، وتعاني الدول الحبيسة من عدد من المشكلات المتعلقة باتصالها بالعالم الخارجي إذ أن ذلك لا يتم إلا من خلال أرض أو سماء الدول المجاورة وبالتالي تكون هذه الدول تحت رحمة جيرانها في اتصالها بالعالم الخارجي، وكثيرًا ما سعت دول العالم إلى محاولة إيجاد منفذ لها على المسطحات المائية، وكثيرًا ما نشبت حروب من أجل هذا، ودون أن تحدث تبعية من الدولة الحبيسة للدولة الساحلية من ناحية أخرى؟ الواقع أن هناك احتمالات ثلاثة: أولها: الاتفاق على دولية الأنهار الصالحة للملاحة والتي تمر في دول داخلية ودول ساحلية وهذا ما سنعرض له حين نناقش ج-الموقع بالنسبة للدول المجاورة: وكلما كانت محاطة بمناطق منيعة، فمن عوامل نمو الحضارة المصرية القديمة، الموجات الحربية على رمالها اعمال ماد زين ماار أما عندما يكتمل نمو الدولة، فعندئذ لابد لها من الاتصالات الخارجية حيث فرص التنمية أكثر، لأنها ستضيف طعامًا جديدًا للسكان، ستضيف أسواقا، ووضع الدولة بالنسبة للجيران يجرنا إلى الكلام عن الوضع الاستراتيجي للموقع، فموقع ألمانيا واشتراكها في الحدود مع عدة دول، وإلى نقل كثير من الصناعات التي كان يجب أن تقوم في شمال فرنسا لوجود حقول الفحم إلى جهات بعيدة عن الحدود وإلى تنمية مشروعات الكهرباء في جبال الألب وهضبة فرنسا الوسطى والبرانس وإلى تعدين الحديد في نورماندي بينما احتياطي الحديد الضخم في اللورين على الحدود الفرنسية الألمانية،