تُعدُّ التكنولوجيا الأداة الأبرز من أدوات التطور والتقدُّم للدول، ويعود السبب في محورية هذا الدور إلى أنَّ التكنولوجيا لم تعد مهمة لذاتها فحسب، وكل ذلك جعل الدول تتنافس على تحقيق أفضل الأرقام في الإنجازات العلمية، بل حتى التحكُّم بمسارات قوتهم المستقبلية قسرًاً أو رضاءً. أصبحت التكنولوجيا مؤدِّيةً دورًاً حاسماً في عملية التغيير على المستوى الدولي بعد ما أسلفناه عن دخولها كعامل للقوة ومعيار تفضيل لعوامل القوة الأخرى، وأخيرًاً تغيير قواعد السيطرة وصورتها داخل النظام الدولي انطلاقاً من معطيات تكنولوجية تُوظف في بنية عناصر قوة الدول، فالأولى هي القطب المتفرد والأقوى عالمياً خصوصاً على المستوى التكنولوجي، يسعى إلى تحقيق ما يمكن تسميته بالإزاحة القطبية، وهو أمر يتوقعه القطب الأمريكية نفسه مع دخول العقد الثالث من القرن الحالي، وفي إطار هذه المنافسة المتحتمة تنفق الولايات المتحدة الأمريكية اليوم مزيداً من مواردها على قطاع التكنولوجيا، ولاسيما في مجال التكنولوجيا العالية التقنية في مواجهة الإستراتيجية الصناعية التي أطلقتها الصينوالمعروفة بإستراتيجية (صُنعَ في الصين 2025)، والتي مكَّنتِ الصين من تطوير قدراتها في مجال التكنولوجيا العالية التقنية، مما جعلها متقدمة في المجالات العسكرية والاقتصادية، لذا تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على تفوقها في مجال الفضاء الخارجي في مقابل صعود الصين وروسيا وتمكنهم من إنشاء قوات فضائية يمكن أن تؤدِّي مهام عسكرية في الفضاء ، ومن ثَمَّ دفع الولايات المتحدة الأمريكية بالمقابل إلى إنشاء القوات الأمريكية الفضائية، مما سيغِيّر من موازين القوى على مستوى النظام الدولي، ويرفع مستوى الصراع بين القوى الدولية إلى أبعاد جديدة تتجاوز حدود الب والبحر والجو إلى الفضاء الفسيح وتوظيفه في خدمة صراع الكبار من أجل القوة العالمية. مكَّنَ الصعود السريع للصي وتمكنها من زيادة إنتاج براءات الاختراع على مستوى سنوي إلى أربعة أضعاف ما تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية من اللحاق بسرعة بركب التطور التكنولوجي الأمريكي، لذا فهي الدولة الأكثر تنافسيةً مع الولايات المتحدة، والتي تهدد مكانة الأخيرة كرائدة للتطور التكنولوجي على مستوى النظام الدولي، وإنَّا على البشرية جمعاء، ولكن في كل الأحوال يظل الاحتمال وارداً حتى إن لم يكن في صيغة حرب شاملة بين الطرفي، وإنَّا على صورة حروب بالنيابة،