هيأ هذا المد الرقمي السبيل لتحول واضح في الأولويات والروابط تجلت بعض بوادره في انعتاق الابداع الأدبي من ضغط الشكل المادي، ومن إشكالات الحفظوالتخزين وتكلفة الانتاج وصعوبة الحفاظ على الجوامل الورقية وتداوالتها. في ظل هذه التغيرات التي قادت إلى مسار سريع التجدد والتطور حسب الطفرات التكنولوجية التي يصعب ُ التنبؤ بها ومبآلاتها القريبة والبعيدة، مست الادب السردي رياح التجديد على مستوي الانتاج والتلقي؛ وحملت معها بنيات ً تعبيرية ً ثورية في شكلها ومضمونها وفي تجاوبها مع التراث الفني اللغوي المحلي والانساني، ُمحدثة امتدادات نصية غنية بمرجعياتها ومتعددة في مساراتها وميولاتها الفنية في انسجام مع متطلبات عالم رقمي منغمس في الافتراضي حتى النخاع، وكان لهذه المساافات ما يوازيها على مستويات تغير بنيات الانتاج والنشر والقراءة والتلقي في مختلف الانتاجات الادبية التي عرفت تحولات بحجم تسارع وتائر التحول التكنولوجي. ولعل هذا ما يجعلنا نوجه البحث صوب قضية جوهرية تسعى إلى الجمع بين الرقمية بوصفها واقعا معيشا ً ومفروضا بالفعل على كل المجتمعات، وبين جنس أدبي حديث له خصائصه التي ساعدت بشكل أو بآخر وتلقيا، وهي طبيعة على إفادته من المد الرقمي إنتاجا ّ هذه العالقة وما قادت إليه من تجديدات أو تغيرات في الشكل والمضمون والهدف عبر محاولة الاجابة عن أسئلة ُملحة مثل: هل تمثل »ق. ج« (القصة القصيرة جدا) استجابة إبداعية لعصر عوملي متغير تقوده تكنولوجيا الاتصال و الاعلام قوامه الرقمية طفرة صوب التعديل في الانتاج والتلقي لمفهوم الأدب عامة والسرد خاصة؟ ففي لحظة واحدة يمكن لقصيدة أن َتجوب بقاع الارض ، وعلى غيرهم ممن يمكن أن يجدها عن طريق المصادفة. فقد مكن الفضاء األزرق من خلق قنوات تواصلية ومن جهة أخرى بين المبدعين أنفسهم في إطار تبادل التجارب والرؤى الجمالية والنقاشات الجانبية التي تمثل كثيرا ما تتوج بتصويبات وتعديلات للنص الأصلي.