وسنحاول وصف طائفة منها وبيان مقدار الثقة بها. ونبدأ من المنتخبات العامة بالمعلقات، وإنما سميت بذلك لنفاستها أخذًا من كلمة العلق بمعنى النفيس، وهي عنده سبع: لامرئ القيس وزهير وطرفة ولبيد وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة وعنترة. وربما أضاف حماد الحارث في مقابلة عمرو بن كلثوم التغلبي؛ وقد نشرها ليال بشرح ابن الأنباري، وفي مقدمة الشرح سند كامل لها يرفعه ابن الأنباري إلى ابن الأعرابي تلميذ المفضل وربيبه، والصحيحة التي رواها عنه ابن الأعرابي1"، وهي موزعة على سبع وستين شاعرًا منهم سبع وأربعون جاهليًّا وعلى رأسهم المرقشان الأكبر والأصغر والحارث بن حلزة وعلقمة بن عبدة والشنفرى وبشر بن أبي حازم وتأبط شرًّا وعوف بن عطية وأبو قيس بن الأسلت الأنصاري والمسيب وبينهم امرأة من بني حنيفة ومجهول من اليهود ومسيحيان هما عبد المسيح بن عسلة الشيباني وتتضح مسيحيته في اسمه، وقد زعمت بهراء أن رماحنا . رماح نصارى لا تخوض إلى الدم فقد مثلت جوانب الحياة الجاهلية ودارت مع الأيام والأحداث وعلاقات القبائل بعضها ببعض وبملوك الحيرة والغساسنة، والمجموعة الثالثة من كتب المنتخبات العامة الأصمعيات نسبة إلى الأصمعي راويها، وهي موزعة على 71 شاعرًا منهم نحو 40 جاهليًّا على رأسهم امرؤ القيس والحارث بن عباد ودريد بن الصِّمَّة وأبو دؤاد الإيادي وذو الإصبع العُدواني وسلامة بن جندل وطرفة وعروة بن الورد وقيس بن الحطيم، وبينهم يهوديان هما سعية بن الغريض والسموأل. والمجموعة الرابعة جمهرة أشعار العرب لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، غير أنه يتضح من مقدمته لكتابه وما نقله عن الرواة أن بينه وبين رواة القرن الثاني جيلين أو ثلاثة؛ فالوسائط بينه وبينهم في السند غير بعيدة؛ والقسم الأول خاص بالمعلقات، ويلى هذا القسم المجمهرات وهي لعبيد بن الأبرص وعدي بن زيد وبشر بن أبي خازم وأمية بن أبي الصلت وخداش بن زهير والنمر بن تولب وعنترة وألحقت قصيدته في النسخة المطبوعة بالمعلقات خطأ. وربما قُصد باسمها أنها تستحق أن تكتب بالذهب، أما القسم الثاني فمختارات من دواوين زهير وبشر بن أبي خازم وعبيد بن الأبرص، وهذا يبين لمن رجع إلى دواوينهم؛ وحماسته موزعة على عشرة أبواب أكبرها باب الحماسة وبه سماها، وأكثر أبوابها في نزعات خلقية، وقد جمع فيها أبو الفضل إبراهيم رواياته جميعها وقارن بينها مقارنات دقيقة. غير أن من حققوه لم يقابلوا بين هذه الرواية الكوفية ورواية الأصمعي البصرية التي يحتفظ بها الشنتمري في شرحه. وقد نشر لايل ديواني عبيد بن الأبرص وعامر بن الطفيل، إذ يذكر دائمًا الإسناد في القصيدة وألفاظها وأبياتها مثبتًا ما اختلف فيه الرواة البصريون وعلى رأسهم الأصمعي والكوفيون وعلى رأسهم ابن الأعرابي وأبو عمرو الشيباني ومن جاء بعدهم من البغداديين مثل عبد الله ابن إبراهيم الجمحي، ومن بين من ينقل عنهم أبو عبيدة. ومنه نعرف أن الأصمعي كان ينقل عند مصدر من نفس القبيلة هو عمارة بن أبي طرفة الهذلي. بل ساقها بأسانيدها التي ترجع بها إلى مصادرها ورواتها الأوائل مثل الأصمعي وأبي عبيدة وابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني والهيثم بن عدي وخالد بن كلثوم وابن الكلبي وأضرابهم ومن خلفوهم من جلة الرواة والمصنفين. فيرفض رواية لأن راويها ابن الكلبي أو ابن خرداذبة أو غيرهما من المتهمين.