دفع غير المستحق هو تطبيق من تطبيقات المبدأ العام في الإثراء بلا سبب، التزم المدفوع له بالرد بموجب دعوى استرداد غير المستحق. كالوكيل أو الولي أو الوصي أو القيم الذي يدفع من مال الأصيل. وذلك بموجب الدعوى غير المباشرة طبقاً لأحكام المادة 236 من القانون المدني السوري. أما المدعى عليه في دعوى الاسترداد فهو المدفوع له بغير حق، أو أن يقبض لحسابه وكيله أو نائبه القانوني أو القضائي، كالولي والوصي المعين. ويتوقف مقدار الرد على حسن أو سوء نية المدفوع له. زد على ذلك أن القانون جاء بأحكام خاصة إذا كان المدفوع له ناقص الأهلية، ويجب على الدافع أن يطالب بحقه في الرد ضمن المدة المسموح بها قانوناً تحت طائلة سقوط حقه. 1- مقدار الرد: تنص المادة 186 من القانون المدني السوري على أنه: «1- إذا كان من تسلم غير المستحق حسن النية فلا يلتزم إلا برد ما تسلم. 2- أما إذا كان سيئ النية فإنه يلتزم أن يرد أيضاً الفوائد والأرباح التي جناها، وذلك من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيئ النية. 3- وعلى أي حال يلتزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد والثمرات من يوم رفع الدعوى». يتبين من نص هذه المادة أن مقدار الرد يتوقف على حسن أو سوء نية المدفوع له أي المتسلِّم. والأصل في الإنسان حسن النية، ومن ثم يفترض في المدفوع له أنه حسن النية، وعلى الدافع إثبات عكس ذلك بكل طرق الإثبات، لأن واقعة سوء النية هي واقعة مادية. ويترتب على ذلك أن المدفوع له لا يعد سيئ النية إلا من الوقت الذي يعلم فيه أن ما تسلّمه لا يستحقه. فإذا كان قد قبض نقوداً أو أشياء مثلية، فيعود المدفوع ديناً في ذمته، أو برد المقدار الذي أخذ من الأشياء المثلية. وبالمقابل فإن المدفوع له حسن النية يتملك الفوائد والثمرات بالقبض، ولا يلتزم بردها إلا من الوقت الذي يصبح فيه سيئ النية. وفي جميع الأحوال يلتزم برد الفوائد والثمرات أيضاً من وقت رفع الدعوى، فلا يعد مالكاً لهذا الشيء، إذا كان سبب الوفاء لم يتحقق؛ ويستطيع الدافع أن يطالب باسترداد هذا الشيء بموجب دعويين، وهما: دعوى الاستحقاق وهي دعوى عينية، ودعوى استرداد غير المستحق وهي دعوى شخصية. ويلتزم الدافع في مثل هذه الحالة برد الشيء ذاته بموجب دعوى استرداد غير المستحق إذا كان لا يزال قائماً في يده. وأما الثمار فيمتلكها المدفوع له حسن النية من وقت القبض، مصري)، فإذا كانت طبيعية فتعد مقبوضة من يوم فصلها عن الشيء، وإذا كانت مدنية فتعد مقبوضة يوماً بيوم. فإن كانت ضرورية فيستردها كلها. أما إذا كانت نافعة فتطبق بشأنها القواعد التي تطبق على البناء الذي يحدثه الباني حسن النية في أرض الغير. ومن حق الحائز وفقاً لهذه القواعد أن يطالب مالك الأرض بتعويض يعادل التحسن الذي حصل للأرض بسبب البناء أو الغراس بشرط ألا تكون قيمة البناء و الغراس تفوق قيمة الأرض. أما إذا كانت قيمتها تفوق قيمة الأرض، وأخيراً إذا كانت المصروفات كمالية، فلا يحق للمدفوع له أن يرجع على المالك بشيء، وإنما يحق له نزع ما استحدثه بشرط أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى، إلا إذا طلب الدافع استبقاءها فعندئذ يلتزم بدفع قيمتها مستحقة الإزالة، طبقاً لما جاء في المادتين 931 و 889 من القانون المدني السوري. أو تلف أو ضاع، فلا يكون مسؤولاً عن ذلك إذا كان قد انتفع بالشيء وفقاً لما يحسبه من حقه، فلا يكون مسؤولاً عما يصيب الشيء من هلاك أو تلف إلا بقدر ما عاد عليه من فائدة ترتبت على ذلك الهلاك أو التلف، طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 934 من القانون المدني السوري. في علاقته بالدافع، برد شيء له إذا كان تصرفه تبرعاً، أما إذا كان تصرفه معاوضة فيلتزم برد ما قبض من عوض للدافع. أما في علاقة الدافع بالغير الذي تصرف له المدفوع له بالشيء، فالتصرف الصادر من المدفوع له للغير يعد تصرفاً من غير مالك، كالتقادم مثلاً إذا كان الشيء منقولاً أو عقاراً غير خاضع للتسجيل في السجل العقاري. فإذا اكتسب الغير ملكية الشيء وكان قد دفع عوضاً عنها للمدفوع له، فلا يرجع الدافع على الغير بشيء، وفق ما سبق بيانه. أما إذا كان الغير لم يدفع شيئاً وإنما تلقى الشيء تبرعاً من المدفوع له، فلا يحق للدافع الرجوع على الغير لأن الغير يكون قد أثرى بسبب مشروع وهو عقد التبرع، وفق ما سبق شرحه. وينشأ التزام المدفوع له بالرد من وقت تسلمه غير المستحق حتى لو كان حسن النية.