كان بياجي يرفض ان يصنف كسيكولوجي بل كان يعتبر نفسه ابيستمولوجيا . من اجل تطوير الابيستيمولوجية ، و في كل الأحوال فبياجي قد قدم خدمة جليلة لعل النفس رغم ان الكثير من المتخصصين الذين كانوا يعتبرونه سيكولوجيا. فالابيستيمولوجية التكوينية عند بياجي ستحدد لنا مدى علمية علم النفس فهي تؤكد لنا على تلك العلاقة بين الذات العارفة او موضوع المعرفة ، هذه الذات العارفة هي التي تدرس هذا الموضوع و ذلك في كل المجالات و هو ما يسمى بعلم ظواهر الأشياء،و تعد هذه هي نتيجة الموضوع اي انها بقيت النتيجة فقط .لكن علم النفس له خصوصيته الابيستيمولوجية و التي تتجلى على اعتبار ان هناك تداخل بين الذات و الموضوع ، فالذات نفسها هي موضوع الدراسة فتلك الذات التي كانت هي الفاعل في الموضوع أصبحت هي الموضوع و الفاعل في نفس الوقت ، و هذا ما يطرح اشكالا كبيرا بالنسبة للابيستيمولوجية لان في علم النفس نراهن على الموضوع لان الذاتية و هي جزء أساسي في الظاهرة الإنسانية . و في كل دراسة فان الذاتية حاضرة و هذا مؤشر على عدم علمية علم النفس بالنسبة للابيستيمولوجية دائما سواء عند باشلار او عند بياجي، و بالتالي لا يمكن الفصل بين الذات و الموضوع كما هو الحال في العلوم اليقينية لان هناك علاقة ذاتية دينامية و ليست ثابتة حسب بياجي ، و مثال على ذلك اعتماده على مراحل النمو عند الطفل عبر جميع المراحل و بالتالي فهناك نوع من الدينامية و هي دراسة للذات نفسها .- العلاقة بين الابيستيمولوجية وعلم النفس من خلال بياجي و ديستيني و بورتوا ، فقد اهتم بياجي بعلم النفس من اجل تطوير الابيستيمولوجية، .لقد كان علم النفس بالنسبة للابستيمولوجية علما حديثا ، رغم انه كان خادما لعم النفس لكن بمنهج ربما غير مقتنع به من اجل الوقوف على التطور المعرفي العلمي قدم من خلال هذا كله نظريات و تصورات كثيرة لعم النفس و كانه بخدمته التي كان يتوخاها للابيستيمولوجيا قدم خدمة جليلة لعم النفس فيما ان العلوم الحقة تقوم على تعدد النظريات ، فان الابيستيمولوجيا الحديثة تراهن على التعدد النظري في العلوم . اما في علم النفس يطرح اشكالا كبيرا حيث يعتبر على ان التعدد النظري في مجال علم النفس ينحو نحو المعارضة ، و هذا امر غير صحي بالنسبة لتوجيه علم النفس عموماو هكذا يتضح لنا بان ديسيني و بورتوا في كتابهما :Epistimologie et instrumentation en science 2007 )الذي جاءا فيه بتصور منفتح و تصور شمولي لجميع النظريات و يقبل جميع النظريات في العلوم الإنسانية . و هذا في حد ذاته هو امر غير صحي في التوجيه السلوكي ،و هذا يعني ان التصور الذي تبناه بورتوا و ديسيني فهو تصور منفتح يقبل ان تكون هناك ذاتية من داخل علم النفس و هو الى حد ما ما ذهب اليه بياجي رغم ان هذا التصور اكثر تطورا ، فعندما تحدث بياجي عن الذاتية و عن الموضوع و اعتبر بان هذا تناقض بين الذات العارفة و الموضوع من خلال ما سبق نتصور بان المقاربة الابيستيمولوجية لا تؤمن بالتصورات الموضوعية ، فلماذا ؟ لان الموضوعات النفسية فهي تشتغل على الذات و بالتالي فان هناك تناقض و لا يمكن لحضور الموضوعية في مناقشة الموضوع و الذي هو نفسه الذات ، فالجشطالتية و السلوكية كانت منطلقاتها دائما هي الموضوعية و الظاهرة الموضوعية تجاوزها الزمن و لم تعد صالحة ، حيث تعتبر الذاتية هي الموضوع المطروح و ليس الموضوعية ،ان التصور الجديد الذي تحتكم اليه المقاربة الابيستيمولوجية الراهنة لا يستثمر التصورات التي تدعي الموضوعية و لا يشتغل عليها مطلقا ، فقد عرفنا سالفا بان الابيستومولوجية هي دراسة المعرفة من اجل تطويرها و تطوير سيرورتها ، و لكننا نفهم جيدا البعد الاشكالي من خلال دراسة الابيستيمولوجيا لهذه المعرفة في اطار تلك الدراسة و التي تهدف الى نقد المناهج و المنطلقات و النتائج و الأسس .