لعلّ مسألة الهويّة أن ترسم الطابع الذي يشكّل الوعاء الحاضن للأفراد بادئ ذي بدء ثم الجماعات. والبحث حين يصدّر عبارة الهويّة في عنوانه، وللخط في فضاء التصميم الداخلي تأثير نجده قابل للتحوّل إلى هويّة برمزيته وسمته الإبداعيّة إذا وصل إليها. من هنا نرى أهميّة توضيح مسألة الهويّة بالدرجة الأولى. هي مجمل الصفات التي نعرّف الشخص أو المجموعة بها. أي أن الهوية تبدأ بالشخص وتنتهي بالمجتمع، ويعني ذلك أن هناك مستويات للهوية كالهوية العائلية والعشائرية والجغرافية (مدينة، منطقة) والهوية الوطنية والقومية والدينية. وعندما نقول الهوية اللبنانية أو السورية مثلًا، فإننا نعني مجموع الثقافات أو الصفات أو الرموز المشتركة بين أبناء البلد الواحد، إذ أن هذه الرموز هي التي تشكّل هويتهم. ويتوقّف نشوء الهوية ومدى قوتها وثرائها أو ضعفها وفقرها على توافر ثلاثة عوامل أساسية هي: المكان أو الأرض التي تحتضن جماعة الهوية، والجماعة البشرية التي تعيش على هذه الأرض، وينتج عن هذا التفاعل في شقيه مع البيئة أو مع الآخر من الجماعة نفسها أو غيرها رموز تتراكم وتتوارثها الأجيال من خلال عمليات التثقيف التي تنتج الشخصية الاجتماعية التي تحمل هذه الثقافة بكل ما فيها من رموز. هي جزء من هوية أكبر منها هي الانتماء إلى العالم العربي، بمعنى أن هناك رموزًا غنية وقوية مشتركة مع باقي الأقطار العربية، شديدة التنوع والغنى وتشكّل قيمة مضافة إلى التراث التاريخي، ما يجعل التراث الثقافي والفني والشعبي الممثل للهوية، «والتراث الشعبي يضم أقسامًا تُغطي مساحة حياتنا كلها، وهذه الأقسام هي: الأدب الشعبي بأقسامه وفروعه المختلفة، الثقافة المادية والفنون اليدوية. وكل قسم منها غني بالرموز المشتركة التي تعرف الآخرين بالشعب اللبناني والسوري». ص 29) في هذا البحث إنّما تتجلّى الهويّة في الرمزيّة والتأثير الذي تُشكّلها الخطوط التي اعتمدها المصمّم في الفضاء الذي حدّده بنفسه، وهو الإطار الذي سيحقّق فيه إيقاعاته الداخليّة، التي ستعطي بدورها للوظيفة جماليتها وحضوره الإبداعي. وعندما يتحقّق هدف المصمّم بالفرادة التصميميّة، في مفهوم الفضاء، يشير مفهوم الفضاء المعماري إلى المكان الذي يكون إنتاجه موضوع الهندسة المعمارية. لأنه يتضمن تصورات مختلفة. من الصحيح أن نؤكد أنها فضاء خلقته الإنسان (وبعبارة أخرى،