وكتب مقالته الأولى وعمره (13) عام، يرى بياجيه بأن التفكير ينمو لدى الطفل تدريجيا، لذلك طور بياجيه نموذجا يبين كيف يتطور فهم الفرد لما حوله. يعد بياجيه من أعظم وأهم رواد علماء النفس والنمو والتطور المعرفي، وبشكل خاص يعد بياجيه أحد الأعمدة الأساسية التي أسهمت في تطور المعمار المعرفي في نظريته التي طورها وهدف منها إلى فهم نمو وتطور العمليات الذهنية للطفل. ينظر بياجيه إلى النمو المعرفي من منظورين هما البنية العقلية والوظائف العقلية، والوظيفة العقلية تشير إلى العمليات التي يلجأ إليها الفرد عند تفاعله مع مثيرات البيئة التي يتعامل معها. إن اهتمام بياجيه ينصب في الدرجة الأولى على التغير الكيفي للذكاء، وبشكل خاص تطور التراكيب أو الأبنية العقلية، والفرق بين الأبنية العقلية ووظائف الذكاء هو أن الوظائف العقلية عبارة عن خصائص عامة للنشاط العقلي وتمثل ماهية الذكاء، أما الأبنية العقلية فهي تلك الخصائص المنظمة للذكاء والتي تتغير مع العمر. أما الأبنية العقلية فهي التي تتغير مع العمر نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة، ومن الواضح أنه كلما نما الفرد كان تفاعله مع البيئة أكثر خصباً وثراء وبالتالي تطورت خصائص ذكائه ونما بشكل أسرع. وقد تأثرت نظرة بياجيه للتفكير بعلم الأحياء، وطبق المفاهيم البيولوجية الأساسية في فهمه لذكاء الإنسان، كأن يغير الفرد من تراكيبه العقلية ليواجه مطالب البيئة، ينظر بياجيه إلى الذكاء على أساس أنه نوع من التوازن تسعى إليه كل التراكيب العقلية، إن الفعل البسيط الذي يكون الفرد قادراً على إجرائه يسميه بياجيه بالسكيما schema وخلال عملية النمو المعرفي يتطور هذا الفعل البسيط إلى بناء عقلي معقد، فسكيما المص يتطور إلى سكيما الإمساك، وسكيما الإمساك يتطور إلى سكيما النظر، فالذكاء بناء على ذلك يشتمل على التكيف البيولوجي، وعلى التوازن بين الفرد ومحيطه،