اكتشفت أمس اكتشافاً عرفت أن الحمال الذي ينقل لي أمتعني من السوق إلى البيت إنسان سوي مثلي ، فلم أعجب من ذلك بقدر ما خجلت كلفتني امرأتي أن أنزل الى السوق وأشتري لوازم البيت . فقصدت الى سوق الخضار، ممزقو الثياب ، حفاة يدعون على الحصى منذ ولادتهم ، سميكة ، لم يدفعوا لها ثمناً ولا احتاجوا يوماً الى تبديلها. السل الواحد يع اثنين منهم ، تزاحموا حوالي يدفع بعضهم بعضاً ويشتم بعضهم بعضاً، وتتصارع السلال فيما بينها على ظهورهم وهم لا الي عينين متوسلتين ويصيح : أنا ! يدرون . وكل واحد يرفع حرث فيمن أختار منهم ، وأخيراً وجدت حلا للقضية ، فالتفت الى صبي بقي بعيداً عن الزحام الهزاله وعجزه . وجعلت أدور في السوق من دكان الى دكان، والحمال الصغير يتبعني بسله الكبير وأنا أضع فيه من هنا رطل بطاطا، ومن هنا رطلي فحم، ومن هناك أقة كونا ، ويصلاً وفعلاً وبيضاً وما الى ذلك من قائمة طويلة سلمتني اليها زوجتي انتهينا من الشراء وأردت الرجوع الى المنزل ومنزلي بعيد عن سوق الخضار، وهو رسم للذكرته في الترامواي . ففضل أن يمثني ويبقى له الفرشان والنصف الفرش ، فاتفقنا على أن أسبقه أنا في الترامواي وأنتظره على المحطة الفلانية حتى يصل وكان ذلك ولكني انتظرت على المحطة ساعة كاملة بدلاً من الثلاثة الأرباع فلم يات الجمال، فتلقت . ثم ساورني الشك بأماته فجعلت أسبة واستنزل عليه اللعنات وعلى حمالي الأرض جميعاً وقلت في نفسي : لقد ذهب ان كذا وكيت بمالي، ومن اين لي أن أعرفه بين مئات الحمالين في المدينة ، وخطر في ألف خاطر خطر في أن اذهب إلى المخفر وأشكو أمري وأدلي إلى رجاله بأشكال السارق الوقع ، أن أبقى في السوق من الصباح الى المساء، وبينهما أنا في هذه الأفكار إذا في ألمع عن بعد شيخ حمالي الصغير فبدلاً من أن أتنفس الصعداء تضاعف مخطي وسعيت إليه وأنا أدمتم فما كنت أدتر حتى رأيته ينوه تحت حمله ويرفع الي عينين محمرتين باسمتين كانه يعتذر عن تأخره، وكان ظهره مقوساً، وركبتاه تصفكان، وأوداجه تنتفخ ولعله أراد أن يستعجل قصب آخر جهد فيه وقدم رجلاً في خطوة كبيرة، ولكنه لم يستطع، فوقع على الأرض تحت سله وتبعثرت البضاعة في كل جهة، وجاء هو على وجهه فسال الدم من ألله، فلم يعيرة اهتماماً بل مسحه بظاهر يده، ثم طلق بلم البطاطا والكوسا والفحم ثم التفت فإذا بيضتان قد الكسرنا والدلفنا على التراب ، فانفجر بالبكاء وهو لا يحشر أن ينظر إلي من خوفه ! وليته نظرا بل ليت لي من كان حاضراً ليراني | حمدت جموداً غريباً، والحل غضبي في نفسي الخلال الملحة في الماء ، وسال مع العالي سائل حلو غريب، فاقتربت من الجمال الصغير وكأني أنا الساعة غيري قبل ساعة، وتناولت منديل من جيبي ومسبحت الدم عن أنفه، ثم طمأنته بريئة على كشفه،