فتى نحيلا ضئيلا مصابا بالربو فاختنق امام المدرسة بسبب دخان حافلات أبو عجاج القهراوي ومات، وأصيب زملاؤه بصدمة هائلة، وقرروا محاربة حافلات القهراوي الملقب ببوعجاج لما ينفثه أسطول حافلاته المهترئ من عجاج ودخان يلوث شوارع المدينة الكبيرة وبيوتها ورئات سكانها، واشتكوه للمسؤولين فلم يتلقوا جوابا، واشتكوا للصحافة فلم تنشر شكاواهم، واخيرا ذهبوا اليه وترجوه أن يسحب الحافلات أو يجدد محركاتها،وعلموا من آبائهم أن القهراوي من أغنى أهل المدينة، وأنه شخص أمي قدم اليها من قرية صغيرة واشتغل مع فرنسي في مصنع للمشروبات الغازية، وحين مات الفرنسي أصبح غنيا بقدرة قادر، وعرفوا منهم كذلك أنه لا يلوث شوارع المدينة فقط، بل وعقول أهلها باستيراد المشروبات والسجائر المنتهية الصلاحية وتغيير تواريخ استهلاكها وبيعها للفقراء بأثمان مخفضة، وأن سبب قوته وطغيانه هو شراء ضمائر كبار المسؤولين بالرشاوي الضخمة وشراء كرسي في البرلمان للتمتع بالحصانة من متابعة العدالة.وأحس الاولاد بالعجز والاحباط أمام هذا الاخطبوط الجبار وصرفوا النظر عن مقاومته، جعلهم يسترجعون الحماس والايمان رأوا في نفس الليلة وجه زميلهم يونس، في المنام يعاتبهم على استسلامهم لجبروت الفساد، وأوحى اليهم بطريقة ذكية لاختراق دروعه السميكة، وأيقنوا أنها رؤيا صادقة وليست حلما من أضغاث الاحلام.ومن ثم بدأت حملة من أشرس الحملات على امبراطور الفساد، وتوالت المفاجآت والمغامرات والتشويق الحابس للانفاس.