أما التوراة تشير إلى أن سبأ هو أحد أبناء كوش بن حام أو يقطان بن عابر ، وهو قحطان بن عابر . وجاء ذكر سبأ في النقوش القديمة في بلاد الرافدين ، وهي ترجع إلى عهد الملوك الأشوريون تجلات بلاصر الثالث " (٧٤٥-٧٢٧ ق. م)، وفي احدى نقوش الملك "سرجون الثاني"، و ابنه الملك ستحاريب (۷۰۵-٦٨١ ق. م)، حيث كان الملكان ( تبع أمر وكرب إيل وتر ) يقدمان الجزية للآشوريين " ، كما أطلق أسم سبأ على مدينة مأرب " . كما ذكر صاحب كتاب الطواف حول البحر الإريتري ( أجاثار خيدس الكنيدي (Agathar hides of Chidas) السبتيين هم أشهر شعوب الجزيرة العربية ، وذكر بليني بأن السبيئيين هم أشهر من عرف من قبائل في جنوب بلاد العرب أما استرابون فقد أشار إلى أن عاصمتهم مأرب ، الجزيرة العربية . 1) معطی، تاريخ العرب السياسي قبل الإسلام ، (۲) سميرة سعيد القحطاني، الثالث والرابع الميلاديين " دراسة في ضوء النقوش العربية الجنوبية القديمة، ن ٠ ١٩٥٢م)، ٤) الحموي، معجم البلدان، ۱۸۱ . تاريخ العرب السياسي قبل الإسلام ، ۱۳۷ . (1) محمد عبد القادر بافقيه ، تاريخ اليمن القديم (بيروت المؤسسة العربية للنشر ، ١٩٥٨ م) ، ۵۲ و بوجه عام فإن السبتيين ينتسبون إلى قحطان بن عابر) ، وهم من العرب المستعربة ، وبعد مجيئهم إلى جنوب بلاد العرب تعلموا اللغة العربية من العرب العاربة وهم السكان الأصليون . ويرى البعض أن سبأ كانت تطلق على التجار العرب ، وهي تعنى أيضاً عدداً من المسافرين، بالإضافة إلى أنها تعنى مجموعة من المتفرقين في مناطق متعددة "، و مملكة سبأ عاصرت كل من أوسان ومعين وقتبان وحضرموت وحمير وتعتبر حمير امتداد المملكة سبأ. أراء حول تأسيس دولة سبأ : لقد وضع المؤرخون العديد من النظريات التاريخية لمحاولة تحديد الزمن التقريبي لقيام دولة سبأ ، وتباينت آراء المؤرخين في ذلك ، ولعل من تلك الآراء ما يشير إلى أنها قامت خلال القرن العاشر قبل الميلاد هو أن السبيتيين أقامو علاقات تجارية مع بلاد الشام سنة (۹۲۲) تقريباً). وهناك من يرى أن عصر المكارب أو ما يعرف بالعصر السبتي الأول بدأ خلال منتصف القرن العاشر قبل الميلاد . أما أصحاب الرأي القائل بان دولة سبأ قامت خلال القرن الثامن قبل الميلاد، فقد اعتمدو على النقوش الأشورية التي وضحت ملوك سبأ وهم يعطون الجزية للأشوريين في ذلك الوقت . ثم هاجروا منها بعد أن ضغط عليهم الآشوريين فإتجهوا إلى جنوبها وأقاموا فيها " . أما ما يخص ملكة سبأ فإن المصادر التاريخية تؤكد بأنها كانت على علاقة حسنة مع العبرانيين زمن سيدنا سليمان عليه السلام ، مع العلم بأن فترة حكمه كانت سنة ۹۵۰ ق. م، وأن الملكة بلقيس قامت بزيارة خلال فترة حكمه ، كما وصلت القوافل التجارية إلى بلاد الشام متجهة من جنوب بلاد العرب خلال عهد ملكة سبأ " . مع ملاحظة أن ملكة سبأ هي ملكة حكمت سبأ خلال عهد الملوك التي سبقها مرحلة حكم المكارب ، وهى المرحلة الأولى لدولة سبأ ، ولعل هذه النظرية تتنافى مع القول بقيام دولة سبأ خلال القرن العاشر أو بعده بقليل . أما من يرى بأن ملكة سبأ التي أقامت علاقات مع سليمان عليه السلام كانت تحكم شمال بلاد العرب وليس لها علاقة بجنوب بلاد العرب ، فقد اعتمدوا على علماء الآثار الذين لم يعثروا على إسم ملكة في جنوب شبه الجزيرة العربية بل عثروا في شمالها على أسماء ملكات قديماً وهناك من يعتقد أن الملكة بلقيس حكمت بعد الملك كرب وتر خلال الفترة ما بين (٦٢٠-٦٠٠ ق. م) تقريباً " . كما إختلف الآراء حول موطن السبئيين ، حيث يرى البعض أنهم أقاموا في شمال شبه الجزيرة العربية ، ثم اتجهوا إلى الجنوب وقد أستدلوا على ذلك بوجود إختلاف هجة السبئيين عن بقية اللهجات العربية الجنوبية " . ويشير البعض الآخر إلى أن السبئيين لم يأتوا من الشمال وإنما أستوطنوا جنوب بلاد العرب منذ البداية " . ومع اختلاف الآراء وتباينها حول تكوين دولة السبئيين وموطنهم الأصلي ، إلا أنهم استطاعوا تكوين دولتهم في جنوب بلاد العرب وذاع صيتها في أنحاء العالم القديم علاوة على ذلك فقد أشارت الكتب السماوية لذلك في القرآن الكريم والعهد القديم حيث وضحت مدى تطور السبتيين في شتى مجالات الحياة . تأسيس دولة سبأ ( ٩٥٠ قزم - ١١٥ ق. مدوا نفوذهم على أراضي معين ، واتخذوا من صرواح عاصمة لهم " ، واعتاد المؤرخون على تقسيم دولة سبأ إلى مرحلتين هما مرحلة المكارب ومرحلة الملوك ، وتبدأ مرحلة المكارب من تأسيس الدولة خلال منتصف القرن التاسع قبل الميلاد حتى الربع الأخير من القرن السابع قبل الميلاد ، أما مرحلة الملوك تبدأ من نهاية مرحلة المكارب وتستمر حتى سقوط الدولة في يد الحميريين سنة ١١٥ ق. م تقريباً وظهر خلال القرن السادس قبل الميلاد في سبأ أسر قوية حكمت البلاد " ، وبينت النقوش أسماء سبعة عشر مكرباً لهم الزعامة الدينية والدنيوية في سبأ أي يعتبرون ملوكاً وكهنة في آن واحد " . و من أشهر حكام تلك المرحلة (سمة على مؤسس الدولة ، والذي بني في عهده سد مأرب الشهير في جنوب بلاد العرب ". وتعتبر المكرب كرب إيل وتر آخر المكاربة حيث تلقب بالملك وخلع عن نفسه صفة الكاهن ، كما خلف هذا الملك نقشاً وفي عصر الملوك تمكنت سبأ من بسط نفوذها على المناطق المجاورة لها وبعد إنتصارهم على معين أتخذوا من مدينة مأرب عاصمة لدولتهم ولعل اهميتها الإقتصادية هو سبب نقل عاصمتهم لها وخاصة بعد بناء سد مأرب الذي حقق التوازن والاستقرار الاقتصادي لهم " . ويرجح بعض المؤرخين أن الملك ايل شرح يحضب الثاني ( ٢٤٠-٢٥٠م)، قد شيد مدينة صنعاء ، وأصبحت عاصمة للدولة فيما بعد " ، وقد خاض هذا الملك حروب مختلفة ضد الحميريين والقبائل الموالية لهم، وتهامة، ونجران، وكندة، وهو بهذا يكمل ما بدأه الملك شعرم أوتر (نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث)، والذي ومملكة حضر موت والحميريين. وأشار القرآن الكريم إلى وجود نظام الشورى عندهم في الحكم حيث إستشارت الملكة بلقيس حاشيتها في أمر سليمان عليه السلام ، وذلك في قوله تعالى: قَالَتْ يَتَأَيُّها المَلوا أفتُونِي في أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمَّا حَتَّى تَشْهدُون " ،