‎إذا لم يتفق الطرفان على وقت معين لبدئها ، فلم تنهج التشريعات بشأنه نهجاً واحداً .‎فالبعض منها قرر بدء هذه المدة من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، أي من تاريخ تسلم المدعى عليه طلب التحكيم ما لم يتفق على تاريخ آخر لبدء الإجراءات، وهو ما تبناه نظام التحكيم، حيث نصت المادة المادة ٢٦ منه على أن تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه أحد طرفي التحكيم طلب التحكيم من الطرف الآخر، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك»، والحكم نفسه في تشريعات التحكيم في مصر وفلسطين وعمان والسودان والأردن (۲)، وإذا تعدد أطراف التحكيم، تبدأ الإجراءات من اليوم الذي يتسلم فيه آخر طرف طلب التحكيم (۳).‎بينما نصت تشريعات أخرى على بدء المدة من تاريخ قبول المحكم المهمة التحكيم وحال تعدد المحكمين من تاريخ قبول آخر محكم للمهمة، مثل تشريعات العراق وليبيا والجزائر والمغرب وإيطاليا (4) .‎في حين نصت تشريعات أخرى على بدء المدة من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، من ذلك القانونين الإماراتي والسوري (4) .‎والحقيقة أن كافة الاتجاهات السابقة لا تحقق الإنصاف لهيئة التحكيم أحياناً‎وللخصوم أحياناً أخرى. ذلك أن بدء مدة التحكيم ببدء إجراءات التحكيم، أي بتسلم المدعى عليه إخطار التحكيم كالاتجاه الأول، فيه إجحاف بحق هيئة التحكيم في استغلال مدة التحكيم بكاملها في نظر النزاع والفصل فيه، فتسلم المدعى عليه إخطار التحكيم لا يعني أن هيئة التحكيم قد تم تشكيلها، مما يعني أن المدة تبدأ قبل تشكيل الهيئة الذي قد يستغرق وقتاً لاختلاف الطرفين بشأنها ، ومن ثم يفوت بعض هذه المدة دون أن تتمكن هيئة التحكيم من مباشرة مهامها .والأمر نفسه بشأن الاتجاه الثاني القائل ببدء المدة بمجرد قبول هيئة التحكيم للمهمة، لأن قبول المهمة لا يعني أيضاً أن هيئة التحكيم قد تسلمت ملف الدعوى، الاتجاه الثالث، فبدء المدة من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، يكون فيه إجحاف بحق الخصوم، إذا تأخرت هيئة التحكيم في عقد الجلسة الأولى رغم تسلمها ملف القضية قبل ذلك بفترة.لعل منطق العدالة يقتضي أن تبدأ مدة التحكيم من اليوم التالي لتسلم هيئة التحكيم بعد اكتمال تشكيلها - ملف الدعوى، فهذا هو الوقت الذي تسأل من بدايته عن نظر القضية وإصدار الحكم فيها خلال المدة المحددة اتفاقاً أو قانوناً أو قضاء.ويوقف الميعاد كلما أوقفت الخصومة أو انقطعت أمام المحكم،