ولكنه هو الذي يهنئ الجؤ لسيادتها وتحبيب الناس فيها، فالأديب هو إنتاج التقنية وليس منتجا لها. ورسالته تتمثل في نظري في التبشير لهذا العصر الذي تسود فيه الوسائل العلمية الحديثة، وتصبح أمته فيه تسيطر على قوى الطبيعة بقوى العقل، وتساهم مع الركب المتحضر في دفع عجلة التقدم الإنساني. وأكبر خدمة يقدمها الأديب لأمته في عصر التقنية هي حربه ضد الشعوذة والخرافات، والقدرية والثواكل وغيرها من مظاهر التخلف، فقد مكنت القرون السابقة من هذه العناصر الهدامة، وأصبح الفرد العربي خلالها لا يؤمن بنفسه ولكن بقوى خارقة وغيبيات وميتافيزيقيات، وزاد الاستعمار الحديث هذه العناصر تمكينا؛ لأنها تساعد على الاستغلال المطلق لخيرات الشعب، والأذهي هو أن بعض النظم العربية المعاصرة مازالت تبقى على هذه العناصر الخطيرة لا إيمانا بها، ولكن لأنها تقوم الشعب وتلهيه عن قضاياه المصيرية. وأعتقد أن مهمة الأديب هنا على جانب كبير من الخطورة، فلكي ندخل عصر التقنية لا بد من محاربة هذه الآفات عن طريق الأدب،