تسبب تداخل الأدوار في نظام التمويل الجزائري في غموض وتناقضات، حيث هيمنت الخزينة على النظام البنكي، ودفعت البنك المركزي لإصدار النقود، مما أدى إلى تهميش دور البنوك في تعبئة الادخار وتوزيع القروض ورسم السياسات الائتمانية. لم يتمتع البنك المركزي باستقلالية حقيقية في إصدار النقود ومراقبة السياسات، حيث اتخذت القرارات وفق اعتبارات لا تتوافق بالضرورة مع مبادئه. لم تخضع عملية توزيع القروض لمفهوم التعاقد الكلاسيكي، بل اعتمدت على حسن نية الدولة فقط، مما أدى إلى تراخي في المتابعة وتراكم ديون البنوك على المؤسسات العمومية، مما أثر على التوازن المالي الداخلي للبنوك، المؤسسات، والبلاد. خضعت عملية الاستفادة من القروض لعملية توطين مسبقة وفرضت على البنوك منح قروض للمؤسسات التي وطنت أموالها لديها، حتى لو لم تستوف المعايير الكلاسيكية. كما أن البنوك والمؤسسات لم تكن مخيرة في عملية التوطين، حيث وزعت المؤسسات بقرار إداري من وزارة المالية. اعتمد النشاط البنكي على مبدأ التخصص، حيث تكفل كل بنك بتمويل قطاعات محددة. وأخيرا، كان النظام البنكي ذو مستوى واحد، حيث لا يملك البنك المركزي سلطة حقيقية على البنوك التجارية. في هذه المرحلة، تشكل النظام النقدي من بنوك تجارية، البنك المركزي، صندوق للادخار والتوظيف، وبنك للتنمية. تأسس البنك المركزي الجزائري في 13 ديسمبر 1963، ورث اختصاصات بنك الجزائر في عهد الاستعمار، معبراً عن إرادة الجزائر في الاستقلال وقطع عهدها بالاستعمار.