وإلى جانب الركن المادي يشترط توافر ركن معنوي لوجود العرف، ويتمثل هذا الركن باعتقاد الدول بأن التصرفات المادية التي تقوم بها أو تطبقها هي ملزمة لها قانوناً. ولقد أشارت المادة (38) من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية إلى الركن المعنوي حينما اشترطت أن يكون العرف مقبولاً بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال، كما أيدت محكمة العدل الدولية ذلك في الحكم الذي أصدرته في 20 تشرين الثاني / 1950، وللركن المعنوي أهمية كبرى في تكوين العرف تفوق أهمية تكرار التصرفات المادية. كما أن وجود هذا الركن هو الذي يميز العرف من العادة ومن المجاملات الدولية. وأن كان تكرار العادة يساعد على إثبات القاعدة العرفية. غير أن العادة مهما تكررت فأنها لا تكسب قوة القاعدة القانونية العرفية إلا بعد أن تقابل برد فعل مناسب من جانب الدول أو المحاكم الدولية بحيث تتوافر القناعة العامة باعتبار تلك العادة بمثابة قاعدة قانونية إلزامية. فمثلاً لو اعتادت الحكومات على إعفاء الممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لديها من الضرائب والتكاليف المالية الأخرى، فان هذه العادة الاختيارية لا تصبح قاعدة عرفية إلزامية إلا إذا اقترن مسلك الحكومات في هذه الشأن بالاعتقاد بالصفة الإلزامية لتلك العادة.