الكتاب الأول الفصل الأول: فصول الكتاب الأول إن الابن الوحيد هو أزلي وقبل كل الدهور ، شرح الآية: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ". الفصل الثاني: إن الابن هو من جوهر الآب نفسه، شرح الآية : " وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ " شرح الآية : " وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ ". الفصل الرابع: الفصل الخامس: الفصل السادس: إن الابن بالطبيعة هو الحياة، شرح الآية : " وَالْحَيَاةَ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ . إن نفس الإنسان لا وجود لها قبل وجود الجسد ، الكتاب الأول مقدمة بقلم القديس كيرلس الأسكندري ينظرون - مثل الذين يقفون على رأس جبل أو مكان مراقبة عال يشاهدون منه كل الاتجاهات، فيقدمون ما ينفع السامعين - ويقنعونهم بغيرة بكل ما يمكن أن يكون لفائدة المتعطشين للحق الكامن في التعاليم الإلهية ولأنهم قد حددوا لأنفسهم هدفًا صالحاً فانهم يفتشون عن الخطة المختفية في الأسفار الإلهية. بل يفرح بالروح ويُسر بالشركة التي له مع أصحاب العقول النقية لأن دوافعهم للمعرفة ليس فيها مكر، وعندما تسكن فيهم الحكمة يصاحبها الخوف من الخطأ أو اتخاذ طريق آخر غير الطريق الملوكي المستقيم، إلا أنه يمكن أن نقول إن إنجيل يوحنا قد كُتِبَ بشكل يفوق الباقين، إلا أنهم استعملوا أساليب مختلفة مما جعلهم يشبهون أشخاصا تلقوا أمرًا أن يجتمعوا معا في مدينة واحدة، ولكن كل واحد منهم فضل أن يسلك طريقه الخاص به وليس الطريق العام المطروق. واحد منهم اختار أن يبدأ من إبراهيم نازلا خطوة بعد خطوة إلى يوسف (خطيب العذراء)، وأن تعجز مقاييس الطبيعة الإنسانية عن الاقتراب إلى الذي لا يمكن الإحاطة به، ولكن لكي يجعل هذا الاقتراب مختفيا للذين لا يعلمون التعليم الصحيح بل يُضلون البسطاء ( ١ تي ٤:٦) ولكنه مكشوف للقديسين الذين هم شهود عيان وخدام للكلمة (انظر لوقا ٢:١) ، فإنه يأتي بسرعة وغيرة إلى ذات جوهر التعاليم الإلهية صارخا بصوت عال في البدء كان الكلمة. يمكنهم الإستعانة بكل الكتابات الأمينة والصالحة والخالية من الأخطاء. وهكذا يجمعون أفكارا لكثيرين في وحدة واحدة لخدمة الرؤيا وإدراك الحق هؤلاء يرتفعون إلى مستوى جيد من المعرفة ويتشبهون بالنحلة أو المرأة الحكيمة النشيطة التي تجمع شهد العسل الذي للروح القدس. وتكلم هؤلاء جميعًا : " بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لَا عَنْ فَمِ الرَّبِّ. وأنا أعني الشيطان . بل يفيض السم الفتاك من التنين الذي قال عنه المزمور للإله الواحد الضابط الكل أَنْتَ كَسَرْتَ رُؤُوسَ التَّنَانِينِ عَلَى الْمِيَاهِ " (مزمور ١٣:٧٤). وهجوم هؤلاء الذين يعلمون تعليمًا آخر، وأن يمد يد الخلاص للذين سقطوا في شباك الشيطان، أما التلميذ فقد حزن على الذين سقطوا وفسد عقلهم، أي القضاء على فساد تصور عقل الإنسان وقبول عبادة الله الواحد. ٤١ مخ. لقد أصابت الدهشة النبي إشعياء عندما قال وميلاده من يُخبر به؟ لأن حياته رفعت من الأرض" (إش ٨:٥٣). وحقا لقد رفع من الأرض تماما كل آثار الميلاد الأزلي لأنه يفوق الإدراك. لأننا نقدر أن نحدد بوضوح زمن بداية المخلوقات وكيفية وجودها ، نظرة أخرى مختلفة إلى عبارة " في البدء كان الكلمة " : والطبيعة الإلهية تغلق حدود الزمن، فهي كما هي لا تتغير حسبما قيل في المزمور عن الله: "أنتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِي " (مزمور ۲۷:۱۰۲). أما بالنسبة للابن فالبدء ليس بدءًا زمنيا ولا جغرافيا، أو كما قال هو خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الْآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ " (يوحنا ٢٨:١٦). فإن الكلمة كان فيه لأنه حكمته وقوته وصورة جوهره وشعاع مجده. وإذا لم يكن وقت كان الآب فيه بلا حكمة وكلمة وصورة وشعاع، فهو أزلي مثل الآب الأزلي، وإلا كيف يوصف أنه صورته الكاملة ومثاله التام، إلا إذا كان له بوضوح ذات الجمال الذي هو على صورته. لأن الابن في الآب وهو من الآب، ليس كمن يأتي من الخارج في الزمان، يشع مثل الشعاع من فالانفصال يعني أن يفقد الشيئان معا الطبيعة التي تميزهما، ويشرق منه دائما حسب الميلاد الإلهي الأزلي غير المدرك. وكانوا يقصدون من ذلك أنه مع الآب لأن كاتب المزمور يقول بالروح القدس عن الظهور الثاني بالجسد لمخلصنا يقول عنه كابن " معك البدء في يوم قوتك في بهاء قديسيك " (مز ۱۱۰ : ۳ س) ويقول قوة الابن هو اليوم الذي سوف يدين فيه العالم ويعطي كل واحد حسب أعماله وحقا سوف يأتي مع الآب لأنه في الآب، سوف يقودنا هذا الشرح إلى أفكار كثيرة متعددة وجوانب مختلفة لمعنى "البدء" وسوف نتتبع كل هذه الأفكار في غيرة شديدة مثل كلب الصيد الذي يطارد الفريسة ولا يتوقف حتى يقتنصها ، وهكذا سوف نقتفي آثار التعاليم الإلهية ودقة الأسرار. ٤٤ على ما يبدو لي - يسمى الآب " البدء Qxn" أي القوة والسيادة التي على الكل أي الطبيعة الإلهية التي فوق الكل والتي تحت أقدامها تستقر الطبائع المخلوقة التي هي كائنة ومدعوة للوجود بسبب إرادة اللاهوت. في هذا البدء aoxn " الذي هو فوق الكل وعلى الكل "كان الكلمة"، لذلك هو مولود حر من الآب الحر، ومنه ومعه له السيادة aoxn على الكل. وما هو المقصود من هذه النقطة بالذات؟ ومن من الطبائع المخلوقة يمكنه بحق أن يهرب من الخضوع لسلطة الله الآب الذي هو على الكل؟ ومن من الكائنات يتوقف عن الخضوع للسيادة والقوة والربوبية التي على الكل؟ والتي يشير إليها سليمان حينما يقول لأَنَّ الْكُرْسِيَّ يُثَبَّتُ بالبر " (أمثال ١٢:١٦). لأنه من ذات جوهر الآب وله ذات السيادة ويعلن عن طبيعته بقوله " في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ . ٤٥ إذن فالكلمة كان في البدء" ، أي كان في السيادة على الكل، وله صفات الربوبية لأنه من الله وما دام هذا هو الصحيح فكيف يمكن أن يُقال أنه خُلِقَ !؟ وكيف ينطبق هذا الإدعاء على معنى فعل "كان"؟ وكيف يمكن مصالحة الذي "لم يكن مع الذي كان؟ وأي مكان هناك بالمرة لعبارة "لم يكن فيما يخص الابن؟ الفصل الثاني الابن واحد مع الآب في الجوهر ولذلك هو إله في اقنومه " والكلمة كان عند الله " : بعد أن عرى الرسول الذين يدعون أن الابن الكلمة مخلوق، فالعبارة " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ " تقفل باب الإدعاء أن الابن يحسب في عداد الكائنات المخلوقة، وبعد أن جردهم من كل الأفكار الغبية بهذه العبارة "في البدء كان الكلمة يتقدم لمحاربة هرطقة فاسدة أخرى، مثل فارس عظيم ثابت له صبر لا ينتهي بل يفرح بالأتعاب والجهاد ويشد حقويه ويرتدي عدة القتال، أو مثل فلاح ينزع من حقله كل الأشواك وينزعها واحدة واحدة، ويدور حول الحقل عدة مرات لكي يجمع كل شوكة على حدة ويضعها كلها واحدة واحدة ويبحث عن جذور الأشواك، هكذا صار الرسول يوحنا الذي عرف أن كلمة الله " حَيَّةٌ وَفَعَالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفِ ذِي حَدَّيْنِ (عبرانيين ١٢:٤) ، وعندما أدرك خطورة هؤلاء نازلهم بقوة لكي ينزع الجذور المرة الشريرة للمقاومين للحق، لندرك حذر هذا الذي حمل الروح في داخله، لم يجهل أن البعض سوف يقومون بجهل شديد ليدعوا أن الآب والابن هما واحد وأنهما غير متمايزين إلا في الأسماء فقط، وإنه ليس في الثالوث أقانيم. وضد هذه الهرطقة يسلّح نفسه لكي يقضي عليها ويهاجم من جانب بقوله "في البدء كان الكلمة ثم يهاجم من جانب آخر بقوله "والكلمة كان عند الله". وفي كلتا العبارتين استخدم فعل "كان" لضرورة تأكيد أن ميلاده كان أزليا. وبقوله "والكلمة كان عند الله أكد أنه متمايز وأنه أقنوم آخر غير أقنوم الآب الذي معه الكلمة. فهو وحده بذاته. هذا الأمر يستدعي مناقشة الهرطوقي لكي يدرك أن إدعاءه لا يتفق مع المعرفة الصحيحة، وسوف نعلم في المقاطع التالية من خلال أسئلة واضحة ومحددة خطأ الهراطقة. " براهين مأخوذة من شهادات الأسفار تبرهن أن الآب أقنوم والابن أقنوم آخر وأن الروح القدس يحسب معهما الأقنوم الثالث رغم أننا لا نخصص كلاما هنا عن ألوهية أقنوم الروح القدس". الابن هو من الجوهر نفسه مع الآب والآب هو من الجوهر نفسه مع الابن وكلاهما مساوي ومثل الآخر تماما بلا تغيير حتى أننا نرى الآب في الابن والابن في الآب، ومع أن الابن في الآب والآب في الابن وهو مثل الآب الذي ولده تماما في كل شيء، ولا أن الآب فقد أقنومه الخاص به، ولكن الطبيعة الإلهية الواحدة نفسها هي للاقنومين مع تمايز كل منهما حتى أن الآب هو الآب والابن هو الابن وأيضا الروح القدس يحسب معهما إلها مثل الآب والابن وهذا هو كمال الثالوث المعبود. وهذا هو الحق - فإننا ندرك أن له أقنوم متميز كما أن الآب له أقنوم متميز مثل تمايز الوالد عن المولود. ٤٨ ثانيا: فالآب والابن ليسا واحدا في الأقنوم بل كل منهما أقنوم يمكن رؤيته في الآخر بسبب وحدة الجوهر،