المنظور (علم ـ) المنظور la perspective هو رؤية الأشياء عن بعد عبر لوحة. وفي الفنون الجميلة: تمثيل الأشياء المرئية وتجسيمها وفق رؤى عدة من حيث البعد والوضعية والشكل واللون. وفي الرسم والتصميم الهندسي: تجسيم رؤية الأشكال وفق أبعادها الثلاثة، بحيث تلتقي خطوط الشكل في نقطة عين الناظر أو في اللانهاية. لمحة تاريخية الشكل (1) في عصر النهضة الأولى - القرنين الثالث عشر والرابع عشر- قام المعمار والرسام والنحات الإيطالي فيليپو برونيليسكي Filippo Brunelleschi ت(1377-1446) بوضع قواعد المنظور. إذ قام بوضع شكل نظر إليه من ثقب نقطة ثابتة (عين الناظر) عبر سطح شاقولي مقسم إلى شبكة مربعات، ومن ثم نقل أجزاء الشكل المرئية في كل مربع إلى مكانها في ورقة الرسم، والمقسمة إلى مجموعة مربعات السطح الشاقولي نفسه، وبذلك قام بمحاولة رسم المنظور الشبكي (الشكل 1). الشكل (2) استعمل الفنان الألماني ألبرخت دورر Albrecht Dürer ت(1471-1528)خيطاً لإظهار المنظور في المستوى الشاقولي عوضاً عن حزمة الرؤية المنبعثة من العين (الشكل 2). ثم قام الفنان الفرنسي جان كوزان Jean Cousin (نحو 1500- نحو 1589) عام 1560 بطبع «كتاب المنظور». عمل كثيرون بوضع نظريات المنظور والقواعد الخاصة به. وحالياً توجد اتجاهات ومدارس عدة في علم المنظور تعتمد المبادئ الأساسية لهذا العلم إذ يعد فرعاً من الهندسة الوصفية، غير أن بعض المدارس تحرص في التطبيق على الطريقة الترسيمية والنظريات الهندسية، وبعضها الآخر يطبق طريقة الضوء الفيزيولوجي وقوانين الرؤية البصرية التي لا تعتمد على الرياضيات. أنواع المنظور ـ المنظور المتوازي persp. axonométrique الشكل (4) المنظور بالإسقاط المتوازي الشكل (5) والمنظور المتوازي هو اعتباري اتفاقي يجسّم الأشكال ويظهرها واضحة بحيث تكون خطوط الإسقاط متوازية بعضها مع بعض ومتعامدة على مستوى لوحة الإسقاط، وتعتمد طريقة الإسقاط هذه خطوط منظور موازية لثلاثة محاور في الفراغ ox¨ oy¨ oz ومتوازية بعضها مع بعض بحيث تشكل فراغاً ثلاثي الأبعاد، وتتغير الزوايا بين المحاور الثلاثة بحسب نوعية الإسقاط المتوازي لها كما في الشكل 5. وللمنظور بالإسقاط المتوازي أنواع عدة هي: أ ـ المنظور بالإسقاط المتوازي المتساوي القياس isométrique استُعمل هذا النوع من المنظور استعمالاً واسعاً في هندسة العمارة والديكور والميكانيك لرسم الأشكال وتبسيطها وتقريبها إلى الذهن. ويجب أن يحقق هذا الإسقاط شرطين، الشرط الأول: أن تؤخذ محاور الإسقاط ox¨ oy¨ oz بحيث تشـكل فيما بينها زوايـا n120º (الشكل 6-1) أو تشكل زوايا n105º¨ n120º¨ 135º (الشكل 6-2) أو تشـكل زوايا n120º¨ 105º¨ 135º (الشكل 6-3) وهي أهم الزوايا المستعملة وأكثرها شيوعاً. أي مجموع الزوايا n90ºβº + αº كما في الشكل 7. والشرط الثاني أن تؤخذ أبعاد الشكل (الطول، العرض، الارتفاع) على المحاور ox¨ oy¨ oz بقياسها الحقيقي؛ بعد تطبيق الشرطين السابقين تُزلق نقاط الشكل المحددة بصورة متوازية مع المحاور ومع بعضها بعضاً لتشكل في الفراغ «المنظور الأيزومتري» كما في الأشكال (6-1) (6-2) (6-3) ولسهولة رسم المنظور الأيزومتري ترسم شبكة توازي المحاور ox¨ oy¨ oz وتقسم الأبعاد بين خطوط الشبكة بمقدار يساوي وحدات قياس أبعاد الجسم كما في الشكلين (8 و9). ويختلف عنه بالشرط الثاني بوحدات القياس، إن التمثيل بهذه الطريقة يظهر الشكل واضحاً للعين قريباً جداً من شكله الحقيقي، ولاسيما إذا كان للشكل ملامح وتفاصيل كثيرة كما في الشكل 10. الشكل (7) الشكل (8) الشكل (9) الشكل (10) هذا الإسقاط المتوازي مع المحاور ox¨ oy¨ oz تكون فيه الزوايا بين المحاور غير متساوية على ألا تقل الزاوية عن قائمة، وكذلك تكون وحدات قياس الأبعاد غير متساوية. إن التمثيل بهذه الطريقة يظهر الشكل من زاوية منخفضة بالنسبة إلى عين الناظر وليس له أي ميزة إضافية، الشكل (11) د ـ المنظور بالإسقاط المتوازي المائل oblique ou cavalière الشكل (12) في حين يشكل المحور الثالث ox أي زاوية على ألا تقل عن قائمة (الشكل 12). هـ ـ المنظور بالإسقاط المتوازي العسكري militaire في هذا النوع من الإسقاط تكون الزوايا بين المحورين ox ¨oy تساوي 90، أما الزاويتان الأخريان تكونان مختلفتي القياس بحيث يشكل امتداد المحور الأول مع الأفق زاوية متممة لامتداد المحور الآخر مع الأفق، أما نسبة الأبعاد: الطول العرض، الارتفاع، فتؤخذ متساوية على المحورين ox ¨ oy في حين أن الوحدة الثالثة الممثلة بالارتفاع تؤخذ بنسبة أصغر من الواحد (الشكل 13). linéaire ou cônique ولهذا المنظور عناصر عدة هي: وهي تقع على مستوى الأفق (الشكل 14) وبعيدة عن اللوحة، رؤية منظور الجسم من الأعلى أو الأسفل حسبما هو مبين في (الشكل 15)، حينئذ يدعى المنظور بعين الطائر (الشكل 16)، أو تكون عين الناظر منخفضة وتنطبق على مستوي الأرض ويسمى المنظور حينئذ بعين النملة (الشكل 17) وقد تكون عين الناظر تحت مستوي الأرض ويسمى المنظور عين السمكة. الشكل (14) الشكل (15) الشكل (16) الشكل (17) وقد تتغير عين الناظر وتتحرك أفقياً إلى الأمام أو الوراء أو اليمين أو اليسار، ومهما تحركت يجب أن تكون على بعد معين من الجسم، وهذه الرؤية مرتبطة بزاوية تدعى زاوية الرؤية للإنسان؛ فكلما اقتربت عين الناظر من الجسم كبر منظوره حتى إذا ما اقتربت كثيراً منه يصير منظوره مشوهاً، وإذا ابتعدت عين الناظر عن الجسم فإن منظوره يصبح صغيراً حتى إن تفاصيله لا تظهر بوضوح، 5- 2. 5 مرة أكبر بعد للشكل وهو مرتبط بزاوية الرؤية الأفقية والشاقولية. 2- مستوي الأفق: وهو المستوي الأفقي المتعامد على اللوحة والذي تقع فيه عين الناظر، ويُسمى الفاصل المشترك بين اللوحة والمستوي الأفقي بخط الأفق و يرمز له بحرف H وعليه تقع نقاط الفرار المختلفة. 3- مستوي الأرض: وهو المستوي الأفقي والمتعامد على اللوحة، 4- اللوحة: وهي اللوحة التي يرسم عليها منظور الجسم (مجسمه) وعادة تكون شاقولية ومتعامدة على مستويي الأفق والأرض، وكلما اقتربت اللوحة من عين الناظر بدا المنظور بحجم صغير؛ حتى إذا لامست الجسم يكون المنظور بمقياسه الطبيعي الحقيقي ومنه يؤخذ الارتفاع الحقيقي للجسم، ومن هذا المبدأ يحدد مقياس المنظور. ويمكن أن تكون اللوحة مائلة بزاوية ما (aº) مع الأفق (الشكل 18). الشكل (18) وقد تكون اللوحة أسطوانية (محدبة أو مقعرة) أو تكون جزءاً من كرة. 5- النقطة الرئيسية: هي نقطة تلاقي خط الأفق مع الخط المتعامد عليه والواقع في مستوي اللوحة، ويرمز له بحرف (P`) وتكون نقطة فرار رئيسية بوضعية معينة للخطوط كما في الأشكال -14-15 -19. وهي تقع إلى يمين النقطة الرئيسية P` ويسارها وتساوي 3/1 المسافة D (الواقعة بين عين الناظر واللوحة)، 8- نقاط الفرار: (أو التلاشي أو نقاط التشريد أو نقاط الهروب أو نقاط اللانهاية أو نقاط الأفق) وكل هذه التسميات بمعنى واحد. فكلما ابتعدت الخطوط عن عين الناظر تبدو وكأنها تلتقي في نقطة واحدة تقع على الأفق البعيد، وتسمى نقطة الالتقاء بنقطة الفرار أو التلاشي. إن لكل اتجاه من الجسم نقطة فرار خاصة به وموازية له. 9- الشكل أو الجسم: وهو الموضوع المطلوب رسم منظوره، وكلما ابتعد الجسم عن عين الناظر بدا منظوره صغيراً وكلما اقترب من عين الناظر بدا منظوره كبيراً. استخراج المنظور إذ يتم وصل النقطة m1 إلى F1 وm2 إلى F2 فيتقاطعان على لوحة المنظور في النقطة M وهي منظور مسقط النقطة m كما في الشكلين (20- أ و20- ب). الشكل (21) أما في الشكل 20-جـ يُحدَّد خط m2 بتشريده إلى F2، أما الخط الآخر فيحدد بوصل النقطة m مباشرة بعين الناظر فيقطع الخط اللوحة وخط الأرض في النقطة m1، فالقاعدة تقول: «الخطوط الشاقولية المشردة إلى عين الناظر تبقى شاقولية». المرحلة الرابعة: تحديد ارتفاع النقطة عن الأرض: في المرحلة السابقة جرى تحديد منظور مسقط النقطة أي موقعها على مستوي الأرض. تُجرى العملية خطوة خطوة على كل نقاط الجسم. في هذه الحالة تشرد الخطوط وفق ثلاثة اتجاهات: الشكل (23) الشكل (24)