يُظهر تحليل المسكن الريفي المصري خلال الفترة (2000-2015) تأثيراً متداخلاً لعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية. فقد أدّى تغير التركيب الأسري نحو المزيد من الاستقلالية، وزيادة عدد المتعلمين، والهجرة الحضرية المرتدة، إلى زيادة عدد المساكن وتعدد طوابقها، وتجديد تصميمات المنازل القديمة لتتناسب مع الأوضاع الاجتماعية الجديدة. سياسياً، سهّلت فترات الانتخابات التعدي على الأراضي الزراعية للبناء، وتفاقم الوضع بعد ثورة يناير بانفلات أمني واسع. اقتصادياً، تحول الريف من منتج إلى مستهلك، مع ازدياد المحال التجارية وورش العمل، ما أدّى لتغيّر شكل المسكن واستغلال مساحاته. شهدت هذه الفترة انخفاض مساحة المساكن بسبب التوريث وتقسيمها، وانتشار المباني ذات الطابق الواحد أو الطابقين، غالباً على الأراضي الزراعية. أما من حيث المواد المستخدمة، فسيطرت الأسقف الأسمنتية والأرضيات من البلاط والسيراميك، مع ظهور الرخام والجرانيت. زاد استخدام السيراميك والرخام في الطلاء الخارجي، بينما انخفض استخدام الجير في الطلاء الداخلي. وظيفياً، حدث فصل بين مدخل الماشية والسكن، وتقلص حجم الوحدات الإنتاجية، واستُغلت واجهات المنازل للمحال التجارية، وانخفض عدد حجرات المسكن، وتقلّصت مساحة الخزين والحظائر، وأصبحت الحظائر الخارجية أكثر شيوعاً. وأخيراً، لم يعد الفرن البلدي والكانون موجودين داخل كل منزل، بل أصبحا خارج المنازل غالباً.