وذلك نظرا لما أنطوى عليه من أفكار متناقضة مع نشاط مؤلفه، ساي، وهو ما كان يرفضه مالتوس جملة وتفصيلا، معتبرا أن مبدأ السكان يلعب دورا هاما في هذه القضية، وذلك في قوله "إني أؤمن بمسلمتين أساسيتين، سبب الفقر في المجتمع هو أن عدد السكان أكثر من العدد الكافي لإشباع حاجات السكان. إن قدرة الإنسان على التناسل أكبر من قدرة الأرض على الإنتاج ما يتطلبه البقاء الإنساني من غذاء، حيث تبين أن الزيادة السكانية تتضاعف في كل 25 سنة ما لم تواجه صعوبات، وأن سكان العالم يزدادون عامة على أساس متتالية هندسية 2- 4-8-16-32 ، ث . حدد مالتوس نوعين من الموانع والتي من شأنها أن تساعد على الحد من الزيادة السكانية، أولاها وسميت بالموانع الوقائية، من خلال إسهامها في خفض نسبة المواليد، أما إذا كان غير قادر على إطعام الأسرة التي يزمع تكوينها، أو اللجوء لإهمال العلاقات الجنسية، كما تتضمن كذلك الرذيلة، وهي تشمل كافة العوامل التي تؤدي إلى قصر فترة الحياة وزيادة نسبة الوفيات، حيث يقول في هذا الصدد: "إن الفقير يتهم رعايا قريته وجمعياته الخيرية لعدم إغاثته، لأنها وضعته في أدنى السلم الاجتماعي محاطا بالفقر والبؤس، وهذا المصدر هو نفسه وهو وحده الذي يستحق اللوم والعتاب" في دحض مصداقية هذه النظرية وتوجيه سهام النقد لها، والتي من أبرزها ما يلي: الأمر الذي يعني أن إطلاق صفة القانون عليه يظل موضع شك، بينما حسب مالتوس وبناءا على متتاليته الهندسية السكانية، استند مالتوس لإثبات صحة قانونه بشأن الزيادة في إنتاج الغذاء، حسب المتتالية الحسابية على مجموعة من الأفكار غير الدقيقة، يتعين التسليم بأن وسائل الإنتاج لا تتطور، وبشكل قد يفوق حتى نمو السكان، أو بشكل غير مباشر من خلال قطاع الصناعات التحويلية، ت . أعيب عليه اعتماده المطلق على أفكار غيره من المفكرين، وبين تلك التي طرحها من قبله كل من ريتشارد كانتيلون في كتابه "بحث في طبيعة التجارة بصفة عامة" المنشور في سنة 1755 ، 2. النظريات الطبيعية النظريات الطبيعية في علم السكان: تمهيد: شكل الإخفاق الذي صاحب النظرية المالتوسية، أولها وتسمى بالنظريات الطبيعية أو بالبيولوجية، هو طبيعة الإنسان بوجه عام وطبيعة العالم الذي يعيش فيه. وهو الاتجاه الذي ساد في كتابات كل من: دبلداي ، سادلر وآخرون غيرهم. إلى أن زيادة التغذية تؤدي إلى تناقص القدرة الإنجابية للسكان، وأنه كلما تحسنت موارد الغذاء أبطأت الزيادة السكانية. ويتناقص بين الأثرياء في حين يحافظ على حجمه فيما يتعلق بالطبقات المتوسطة. الأمر الذي يترتب عليه أنه إذا أردنا أن نقلل من زيادة السكان في بلد ما فيجب أن تزيد نسبة البروتينات في الغذاء سكان ذلك البلد، - لم يفرق دبلداي بين القدرة على الإنجاب وبين النمو الفعلي للسكان . - قوله "إن أشد الناس قدرة على التناسل أشدهم بؤسا، وهو ما يجعلهما غير واقعيان. 2- نظرية سادلر: 1835- 1780يعتبر Sadler مصلحا اجتماعيا كما كان من رجال الاقتصاد المعاصرين لمالتوس، والذي ذهب فيه إلى التسليم بأن القانون الطبيعي المتحكم في عملية التناسل، يختلف جذريا عن القانون الذي أخذ به مالتوس، وأن الميل البشري إلى الزيادة يتناقص كلما زاد الحجم السكاني، ورغم التفاؤلية التي طبعت أفكاره، أبرزها: أ. إهمالها لدراسة كل الحقائق المعروفة عن نمو السكان، ولكنهم يعانون في الوقت عينه كثرة السكان الخطيرة. ب. لم يفرق بين القدرة على الإنجاب والنمو الفعلي للسكان، بسبب كثرة حالات الوفيات على سبيل المثال. 3- هربرت سبنسر(1850- 1903): فيلسوف ومفكر انجليزي اشتهر بفكره الاجتماعي المرتكز على التفسير البيولوجي، والذي ضمن إياه آرائه ضمن فلسفة التركيب واتجاهات السكان التي وضعها عام 1854 ، حيث أن تعقد الحياة الاجتماعية والتنظيم الاجتماعي، التعليم وغيرهما، وأن الضغط السكاني فيرأيه يمثل عاملا ايجابيا، لكن هذه الجهود لم تخلو هي الأخرى من العيوب، تنسجم مع نظريته العامة حول التطور البيولوجي، وأنه إذا كان هناك تنافر بين التناسل والنضج الذاتي للأفراد فهو ذو أهمية قليلة بكل تأكيد. ب . لم تكن كافية ولا ممثلة لجميع الاحتمالات أو شاملة للعوامل المختلفة المتداخلة التي تؤثر على السلوك الإنجابي، بقدر ما تكون أيضا نتيجة لتضافر مجموعة أخرى من العوامل، ذلك أن المرأة التي نالت قسطا كبيرا من التعليم، 4- نظرية كوارد جيني (1884-1965):يعد كوراد جيني Corrad Gini مفكر اجتماعي ايطالي، في كتابه "أثر السكان في تطور المجتمع" الصادر سنة 1912 ، وهي التغيرات التي تختلف بصورة أو بأخرى باختلاف الطبقات الاجتماعية فيه. مفترضا أنه في كل مرحلة من مراحل تطور وتغير المجتمع، والاقتصادية وغيرها، حيث تتميز المجتمعات في مرحلة تكوينها ونشأتها بزيادة الخصوبة، أ. يعتقد جيني بوجود قوة طبيعية تحدد عدد السكان بالزيادة أو النقصان، ب . استمد جيني رؤيته فيما يتعلق باتجاه الزيادة السكانية أو نقصها، انطلاقا من دراسته لتاريخ بعض الأمم القديمة كاليونان والرومان، ت . تتسم بعض المجتمعات بدرجات عالية من الخصوبة، العوامل التي تؤدي إلى التقليل من النمو السكاني عديدة وليست هي فقط الحروب والهجرة، المجاعات، ومن أهم رواد هذا الاتجاه نذكر كل من: كارل ماركس، اشتهر بكتاباته وأرائه المناهضة للنظام الرأسمالي لم يتعرض ماركس بشكل مباشر لقضية أسباب زيادة السكان، التي اعتبر أنها تحدد المشكلة السكانية والعوامل السوسيواقتصادية المتعلقة به، والقائلة بأن الموارد لا يمكنها أن تنمو بنفس القدر الذي ينمو به السكان، وأن فقر وشقاء الإنسان يعود إلى ميله الطبيعي لإنجاب عدد من الأطفال، على زيادة الكمية المتاحة من الغذاء والسلع الأخرى، فإن النتيجة الطبيعية للنمو السكاني هي الزيادة الجوهرية في الإنتاج، ذلك أن كل عامل ينتج كمية من الإنتاج أكبر مما يحتاجه، فيحدث فائض في السكان نتيجة لمعدل التشغيل المتناقص، ويصبح وجودهم في الإنتاج زائدا عن الحاجة نسبيا، وهي الأوضاع التي تنبأ ماركس بأنها سوف تتحول تدريجيا إلى عامل مدمر للمجتمع الرأسمالي، وذلك من خلال إثارة حالة من السخط العام ثم الثورة ضد هذه الأوضاع، أ. أعاب ماركس على مناوئه في الرأي من شاكلة روبرت مالتوس وغيرهم، اعتقد ماركس أن الاشتراكية هي النظام الوحيد الذي يستطيع أن يجنب المجتمعات الإنسانية ويلات التزايد السكاني، وهو ما لا يتفق مع طبيعة البشر وطبيعة الحياة الاجتماعية للسكان حيث اصطدمت الدول التي أخذت بالفلسفة الماركسية كمشروع سياسي واقتصادي، مشكلات ناجمة من أن النظرية الأصلية لم تقدم شرحا وافيا، تنتج علاقات مختلفة بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية. يرى ماركس أن قانون السكان الاشتراكي يقف على وجه النقيض من قانون السكان6 الرأسمالي، فإذا كان معدل المواليد منخفضا في ظل النظام الرأسمالي ، غير أن واقع الحال كان يقول عكس ذلك تماما، حيث لم تختلف هذه الاتجاهات في المجتمعات الاشتراكية عن نظيرتها في المجتمعات الرأسمالية، ومن شواهد ذلك أن الحكومة الصينية وأمام حتمية التعامل مع اكبر حجم سكاني في العالم، حيث قامت منذ سنوات السبعينات بإعادة تنظيم الجهود من أجل السيطرة على نمو السكان، بهدف تقليل الخصوبة من خلال فرض قيود على الزواج أي تبني الحل المالتوسي) ومنع الحمل (الحل الذي قدمه المالتوسيون الجدد والإجهاض، وهي ارتفاع معدلات الوفيات بين الطبقات العاملة مقارنة بمعدلات الوفيات بين الطبقات الأخرى، اشتهر بنظريته حول تقسيم العمل، والتي جرى إسقاطها في حقل الدراسات السكانية، بينما تتحقق زيادة السكان في المدن بفعل عامل أخر وهو الهجرة، ففي المدن يعيش السكان في شكل كتل متراصة بعضهم إلى جانب بعض، الأمر الذي يساعد على رفع قدرتهم في تبادل الأفعال والأعمال، والصناعة، وهكذا تزداد الكثافة تبعا للانتقال من مرحلة لأخرى، وهذا يؤدي بدوره إلى سلسلة من التطورات الأخرى في مختلف مجالات الحياة. • أهم الاعتراضات التي صاحبت نظرية دوركايم: لم يختلف عن سابقيه من المنظرين، والتي يمكن حصرها إجمالا فيما يلي: مع طغيان المسحة النفسية والاجتماعية على نظريته. أغفل التغيرات التي تواجه المجتمع وسكانه، والناتجة عن التقدم التكنولوجي وانعكاساته على الأوضاع الخدماتية والثقافية. كانت ولازالت موضع شك لاسيما في المجتمعات الصناعية والتكنولوجية. 3- نظرية أرسين ديمون(1840- 1902): أﺴــــﺘﺎذ ﺒﺠﺎﻤﻌـــﺔ ﺴﺘراﺴـــﺒورغ، وذلك انطلاقا من الدراسة التي قام بها عن نمو السكان في أواخر القرن 19 بفرنسا، والتي ضمنها في كتابه الصادر في سنة 1890 تحت عنوان تناقص سكان المدينة، ويفقد نتيجة ذلك اهتمامه بالأسرة إذ لا يجد الوقت الكافي لتكوينها، ذات تأثير على الذين يعيشون قريبا منها وقد بني ديمون نظريته هذه نتيجة دراسته للخصوبة في أقاليم فرنسا، وبهذا تزيد من قوة الجاذبية الشعيرية على الناس وتسرع بالعمل على تخفيض معدل المواليد في المجتمع، ومن هنا لا يحتمل أن يقللوا معدل المواليد بنفس الدرجة بل يواصلون التزايد. • الانتقادات التي وجهت لأفكار ديمون: المتتبع لأفكار نظرية ديمون، النظريات الاقتصادية في علم السكان : 1- المسألة السكانية في المذهبين التجاري والطبيعي: كان للمذهب التجاري الفضل الأول في ظهور مفاهيم ومقولات علم الاقتصاد السياسي، ولكن هذا المذهب الذي كان يمثل أولى مراحل تطور رأس المال التجاري، ويؤيد على دور الربح التجاري في تكوين الثروة الاجتماعية، لم يعطي أهمية تذكر للعنصر البشري، والذين عملوا على إعلاء شأن الزراعة وبيان أهميتها في التقدم الاقتصادي، ومن هنا اهتموا بعنصر العمل وعلى رأسه العنصر البشري، إلى العلاقة بين الإيراد الفردي ومستوى المعيشة من جهة والنمو السكاني من جهة أخرى . 2- النظرية الاقتصادية الكلاسيكية: شكلت المدرسة الكلاسيكية النظرية الاقتصادية الأبرز، وذلك على مدار الفترة الممتدة ما بين القرنين 18 ومطلع القرن 20، وهي التي تلخص فحواها في الدعوة إلى عدم تدخل الدولة في أي وجه من أوجه النشاط الاقتصادي، باعتبار أن نشاط الأفراد أفضل بكثير من نشاط الدول، وهو التعرض الذي سمح بطرح عدد كبير من الرؤى النظرية التي سنخوض في تفاصيل بعضها كما يلي: - نظرية مستوى الكفاف: وترى أن استمرار النمو السكاني، وبتالي سيؤدي ذلك بعد فترة طويلة قدرها 25 عاما، إلى هبوط الأجر الذي يحصل عليه العامل إلى دون مستوى الكفاف. ونتيجة لذلك سترتفع معدلات الوفيات بين العمال مما يسبب إنقاص المعروض من الأيدي العاملة في المجتمع، وعندئذ سيتكرر ما حدث سابقا من هبوط مستوى الأجور ثم التوازن مرة أخرى وهكذا. والذي سلم بأن مستوى الأجر الذي يحصل عليه العامل يعتمد على معدل السكان المتزايد مقسوما على رأس المال المتزايد والمستخدم في العملية الإنتاجية، فإن الأجور العمالية المدفوعة مالت نحو الانخفاض. مما يصبح فيه المخزون من رأس المال ثابتا، • انخفاض الطلب على العمال. أول من بحث في مشكلة الغلة المتناقصة وأثرها على التنمية الاقتصادية، وبهذا فإن التزايد السكاني لا يشكل أية مشكلة في الأجل الطويل على النمو الاقتصادي. أما الثاني فلا يؤمن بالصفة الأبدية لقانون الغلة المتناقصة، ولاسيما أنه يتسم -أي الإنسان- ببعد النظر، والميل إلى تجديد حاجاته الضرورية والكمالية، وهو ما تجلى في ارتفاع مستوى الإنتاجية وزيادة المساحات المزروعة، أن تؤدي إلى زيادة الإنتاجية، اخترنا منهم العينة التالية : والاقتصادي السويدي كنوت فيكسل وذلك في عام 1901 ، قبل أن يستقر مفهومه كمصطلح شائع لدى الاقتصاديين الرأسماليين آنذاك، والذي تناوله في كتابيه "المشكلة السكانية" و"سكان العالم" والذي حاول من خلاله الربط ما بين الزيادة السكانية وموارد الثروة، وذلك بمراعاة كل من طبيعة البيئة، وجميع الحقائق الأخرى ذات الصلة بالمسألة، وعندئذ يتحكم الإنسان بشكل عام في عدد أفراده بقصد الوصول إلى الحد الأمثل ، وذلك تبعا لتغير الظروف السابق ذكرها، حيث أنه كلما كانت المهارة عند أفراد المجتمع كبيرة، في حين أن هناك مجتمعات غنية بموارد الثروة (أراضي زراعية، كما هو الأمر بالنسبة لكل من: السودان، أستراليا، العراق وأعتقد كارسوندز أن نمو السكان يخضع لسيطرة الإنسان نفسه، فكلما ازداد التفاعل اتجه الإنسان إلى زيادة العدد والعكس صحيح أيضا، مؤيدا بذلك الرأي القائل بأن الزيادة في أعداد السكان، كي يسيطر ويتحكم بأعداد أ فراده مبتدعا في ذلك مقياسا يحدد به ذلك الحجم وهو متوسط الدخل الفردي، وأنه لم يصل إلى الحد الأمثل بعد. • نظرية الفجوة السكانية: يرى روبرت بولدوين صاحب هذه النظرية، فإن الاقتصاد القومي كله سيقع في المصيدة، حيث تسوء الأوضاع الاقتصادية كلها ويتدهور الوضع المعيشي، معتمدا على بعض الحقائق التي تسود في البلاد المتخلفة مثل ارتفاع معدلات النمو السكاني، تكنولوجيا متقدمة وقدرة محدودة على خلق فرص توظيف واستيعاب العمالة بسبب ضآلة حجم الفائض الاقتصادي، والذي يمكن أن يتحول إلى تراكم رأسمالي في مقابل قطاع زراعي تقليدي –قطاع الكفاف- يتسم بوجود بطالة مقنعة، إلخ. إذا أمكن سحب عدد من العمال الزراعيين الزائدين عن حاجة هذا القطاع، مشترطا لنجاح ذلك 03 ضوابط أساسية وهي: أ. الاستثمار في القطاع الصناعي يتوقف على الفائض الذي يتحقق بداخله. ب . أجور العاملين في القطاع الصناعي، ت . تكلفة تدريب العمال الفائضين في القطاع الزراعي، للالتحاق بالقطاع الصناعي، يجب أن تكون ضئيلة وثابتة عبر الزمن. وحينما يزداد الاستثمار تزيد قدرة الرأسماليين على إلحاق المزيد من المزارعين بالقطاع الصناعي، وتستمر العملية هكذا، فتقل البطالة ويزداد تراكم رأس المال وتنمو الإنتاجية، ويرتفع الدخل ومعه معدل النمو الاقتصادي .