تطور مفهوم الأمن الدولي فهو حاجة غريزية سعى الى تحقيقها منذ بداية تعمير الأرض، خاصة في ظل تطــــــــوره السريع واتساع مضمونه سواء من حيث ابعاده، كما أن درجة التعقيد والغموض التي تطبع مفهوم الأمن ، الأمن لغة: ورغم أن هذه المصطلحات غير مترادفة الا أنها تحمل تقريبا نفس المعنى أي غياب الأمن ومنه ضرورة التحرر منها، وعملية التحرر لا يمكن أن تكون إلا اذا تم ربطها بوجود أو غياب الأمن. الأمن اصطلاحا : ومن بين أهم تعريفات الأمن المعتمدة في الدراسات الأكاديمية تعريف آرنولد وولفر Arnold Walfers " يقصد بالأمن من وجهة النظر الموضوعية عدم وجود تهديد للقيّم المكتسبة ، وتعـــــــريف باري بوزان "Barry Buzan" الذي يعد من أبرز المختصين في الدراسات الأمنية، و يعرفه بأنه "العمل على التحرر من التهديد"، وفي اطار النظام الدولي هو " قدرة المجتمعات والدول على الحفاظ على كيانها المستقل، وتماسكها الوظيفي ضدّ قوى التغيير التي تعتبرها معادية". الأمن في الاسلام يعتبر قيمة جوهرية مرتبطة بكيان الانسان ، ولا يمكن بأيّ حال أن تستقر حياته في ظّل غيابه، عن سلمة بن عبيدة الله بن محصن الأنصاري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده طعام يومه فكأنما حيزت له الدنيا". ارتبط مفهوم الأمــن في العلاقات الدولية أساسا بمفهوم الدولة، فهي تشكل الوحدة الرئيسية في بنية النظام الدولي، والحاجة الملحة للأمن هي التي دفعت البشر الى الانخراط في مجتمعات من خلال عقد اجتماعي، وذلك من أجل القـيام بوظيفة تحقيق الأمن وحماية الشعب من العدوان الخارجي، ورغم التطورات التي شهدها البشرية وجملة التغيرات التي عرفها شكل النظام الدولي ، فلاتزال هذه الفكرة الأساسية تطبع تصور العرف الدولي السائد، وهو مرتبط بحدود طاقتها وقدراتها في صيانة مصالحها والحفاظ عليها ضد التهديدات الداخلية أو الخارجية، مما يتيح أيضا الاستغلال الأمثل لقدراتها ومواردها، لتحقيق التقدم والتطور والازدهار والاستقرار حاضرا ومستقبلا . كما أن الأمن مفهوم مركّب يتضمّن متغيرات عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تُنتج مفهوم الأمن الخاص بهذا المجتمع من خلال تفاعلها، 03/ أبعاد الأمن والجريمة المنظمة، الأمن الغذائي: ويرتبط بقدرة الدولة على تأمين الاحتياجات الغذائية لمواطنيها، فتوفير الطعام والغذاء هو أساس لتحقيق شعور الانسان بالأمن والأمان، وغياب الأمن الغذائي والبيئي من أكبر دواعي غياب الأمن الصحي، حيث أن مستـــوى التغذية ونوعيتها عامل رئيسي في تدهور صحة الانسان، كما أن تلوث البيئية وتلوث الهواء نتيجة النفايات والغازات الصناعية السامة، من أكبر مهددات الأمن الصحي. فالأمن الصحي يتحقق من خلال شعور الفرد داخل المجتمع بالأمن والأمان والصحة النفسية والبدنية والعقلية. الأمن السياسي: يتفرع الأمن السياسي الى سياسة داخلية لإدارة شؤون المواطنين ورعاية احتياجاتهم، وسياسة خارجية لإدارة مصادر قوة الدولة ومصالحها ومكانتها الدولية. ويكون الأمن السياسي الداخلي من خلال تحقيق الاستقرار في اطار الشرعية الدستورية والتحكم في تسيير الحياة السياسية والاستقرار السياسي والمؤسساتي، من خلال قدرتها على توظيف عناصر قوتها الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بشكل صحيح. الأمن العسكري: ويرتكز عليه الأمن الوطني أو القومي للدولة أو الأمة، ويتحقق من خلال قدرة الدولة على مواجهة الاعتداءات العسكرية الخارجية، الأمن الاقتصادي: ويتعلق بمختلف الإجراءات والتدابير الاقتصادية، كالأكل العمل والمسكن والملبس والعلاج وغيرها من ضروريات الحياة الكريمة ولن يتحقق ذلك دون تنمية مستدامة لقدرات الدولة البشرية والمادية والطبيعية. فلا يمكن تحقيق الأمن الاقتصادي دون النجاح في مسار التنمية المستدامة . الأمن الاجتماعي: يقوم على الخصوصيات والقيم المقومات والمكاسب التي يتميز بها المجتمع عن غيره من المجتمعات، وتتمثل هذه المقومات والمكاسب في الوعاء الثقافي والقيّم الأخلاقية والايديولوجية والعقيدية المشتركة. ويرجع ذلك بالأساس الى ما أفرزته التهديدات الجديدة ذات البعد الثقافي في اطار العولمة، وامكانية التأثر بها والتأثير فيها، وهذا ما جعل العديد من المجتمعات تعاني من امكانية اندثار قيمها الثقافية وتفكك منظوماتها الايديولوجية، فمعظم الدول الفقيرة والضعيفة أصبحت مهددة بفقدان أمنها الثقافي، فالأمن الثقافي هو الوعاء المعبر عن هوية الأمة، بحيث يستفيد المجتمع من الثقافة الخارجية دون أن يفقد ثقافته المحلية، فالتفاعل مع الثقافة الانسانية يجب أن يكون بوعي من خلال الاعتزاز بالذات الثقافية الحضارية، والانفتاح والتفاعل على الحضارات المعاصرة في نفس الوقت. الأمن البيئي: أخذ الأمن البيئي حيزا مهما في السنوات الأخيرة نظراً لزيادة حجم وخطورة التهديدات البيئية، ويتمحور أساسا حول مختلف الاجراءات الحمائية الموجهة لتأمين الطبيعة والبشر أو الحدّ من خطورة التهديدات ذات الطابع الايكولوجي المهــــــــــــــددة للطبيعة والبيئة، فالأمـــــــن البيئــــــــي يرتكز على حماية الانسانية من الأخطار الناتجة عن النشاطات البشرية الغير عقلانية لهذه المجتمعات نفسها، ويتحقق من خلال وضع اجراءات قانونية وقواعد تنظيمية لإعادة تقويم أو تأهيل البيئة المتدهورة، الأمن الانساني: الأمن الانساني يرتكز على مدى تلبية حاجيات الانسان المادية والمعنوية المُحققةِ لكرامته وتحرُرهِ من الخوف الحاجة، ويعتبر الفر د محور وهدف الأمن الانساني، فغياب الأمن الانساني مرتبط بمشكلات الحياة اليومية للإنسان أكثر من ارتباطه مشكلات عالمية أو نزاعات بين الدول، ، وهو مرتبط بحياة الناس في جميع أنحاء العالم الأغنياء والفقراء على السواء، ولا يمكن تحقيقه الا في اطار سياسات تنموية رشيدة وشاملة ومستديمة. الأمن على المستوى الفردي: يرتبط الأمن الفردي كمستوى للتحليل في الدراسات الأمنية بتحقيق الحياة الكريمة وأسلوب الحياة اللائق بالبشر في متطلباته الأساسية، كالتعليم والصحة وتوفير فرص الشغل والرفاهية الاقتصادية، فقد تغيير ت أجندة الأمن وأولوياته على مستوى الفواعل الدولية، فأمن الدولة أصبح غير ممكن دون تحقيق أمن الفرد. يعتبر الأمن القومي أو الوطنــــي المرتبط بأمن الدولة وسيادتها كمستوى للتحليل في الدراســـات الأمنية من أهم مستويات الأمن خلال القرن العشرين، وذلك بعد النتـــــــــــائج الكارثية التي خلفتــــــــــها طبيعة العلاقـــات الدولية الصراعية، ومحاولة تقديم حلول بغرض انهاء أو التقليل من حدّة الصـــــــراعات الدولية. ورغم ظهور بعض الفواعل الجديدة في النظام الدولي، كالمنظمات الدولية الاقليمية والعالمية الحكومية وغير الحكومية، غير أن الدولة ظلت الوحدة الأساسية المؤثرة في أمن هذا النظام، ويتم التعامل معه بمفاهيم مختلفة وفق طبيعة الأنظمة السياسية، كالدفاع الوطني والقومي أو الأمن الوطني أو السيادة والمصلحة القومية، الأمن على المستوى دون الاقليمي: هو تنظيم مركب من عدد محدود من الدول في اطار المصلحة المشتركة، وتكون غالبا مكملة وغير متعارضة مع الأمن الاقليمي، فتقوم بدور مهم جدا في انجاح ودعم ركائز وأسس الأمن الاقليمي، فهو مستوى فوق القومي وأدنى من الاقليمي. وهذا المستوى يعنى بتأمين متطلبات الأمن لهذه الدول من خلال ترتيبات أمنية أو تنظيم كامل. الأمن على المستوى الاقليمي: أضحى هذا النوع من التنظيم السمة البارزة التي تطبع النظام الدولي القائم حاليا،