تطور الأدب العربي في العصر العباسي، شبيهًا بتطوره في العصر الأموي، مُنتجًا فنونًا جديدة تواكب الذوق الحضاري والاجتماعي، خاصة في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري. يُعد بديع الزمان الهمذاني رائدًا في التعبير عن ذوق عصره وأوضاعه الاجتماعية من خلال أسلوب المقامات، الذي لا يمثل أسلوبًا فنيًا محددًا أو نتاج زمن معين، بل يعكس واقعًا اجتماعيًا معقدًا. شخصيات المقامات وأفكارها تتجاهل القيم العليا، مُثيرَةً تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الظواهر، التي تُبرز معاناة المجتمع من الجوع والمرض والعنف وتأثيرها على الروح البشرية، نتاج عصر محدد أم تعكس واقعًا أوسع من الفقر والحرمان. كما أثر أسلوب أبا الفتح في عصر البديع، مؤثرًا سلبًا كظاهرة اجتماعية بارزة. وقد عكس الأدب هذه الظواهر من خلال أساليب جديدة كالـ"مقامات"، دون أن يكون ذلك بالضرورة نابعًا من وعي مُسبق لدى بديع الزمان، بل كعكس تلقائي للواقع الاجتماعي.