ج. الاهتمام بالأشياء في تفردها هل هذا يكفي؟ بالطبع لا، فلنا من جهة ملاحظة هايدجر بأن الوعي بشيء ما هو منذ البدء اعتباره “أعدّ من أجل”، يمكنني المرور مئة مرة أمام تلك الأحذية التي أمام الباب دون أن أنتبها لها، أي أحذية في ذاتها، أي استخدمها في غرض يخصني. وأما أحذية الفلاح كما تظهر في لوحة جوخ فإنها تأبى أن تمحي بقطع النظر عن استخدامها من عدمه، ولا أستطيع فعل أي شيء حيالها عدا النظر إليها في وجودها المحض والجلي بما هي أشياء وبما هي كذلك وليست موضوعات يمكنني استخدامها. غالباً ما لا نهتم بما يحيط بنا إلا ما كان لنا به حاجة، تندرج الحقيقة العادية، الذي تنشأ عن الادراك العادي للأشياء في نطاق العمومية، فنحن لا ننظر إلى الأشياء بل إلى المعاني أي ما تقدمه الأشياء لتلبية حاجاتنا. تُفقد العمومية عادة بسبب الفقر: إن عالم التجارة اليومي فقير لأنه عالم مسكون بهاجس العمل والفعل وهذا يجعلنا غافلين عن الثروة التي تحيط بنا. أين هو العالم الذي سيجعلنا نتأمل باندهاش الاختلاف بين الأشياء؟ قطعا سيصبح عالما لا يستطاب فيه العيش. يجب أن ننسى ما يميز هذه المطرقة عن الأخرى لنستطيع بكل بساطة استخدامها وهذه ضرورة حيوية. إن الحاجة الملحة للعمل تضعف وعينا بالعالم ولا مجال للشكوى من الفقر لأنه طبيعي في عالم كعالمنا.