على أن العيب الأكبر في الاستغلال التجاري للعلم هو المبدأ نفسه أعني إخضاع البحث العلمي للاعتبارات التجارية. بل انه يرتكز في الواقع على جهد جميع العلماء السابقين في ميدانه، ولو حاولنا أن نحصره في شخص مكتشفه لاعترضتنا في هذه الحالة صعوبات أخرى: إذ أن العمل العلمي الجاد لا يستغرق من حياة العالم أوقاتا معينة، ففي نفس الوقت الذي يؤكد فيه الناس عالمية العلم، إلى تقدم الإنجليز والأمريكيين عليهم في هذا المجال. فهناك حرص شديد على تأكيد الدور الرائد لعلماء ومخترعين ربما لم يكن العالم الخارجي يعرف عن كشوفهم إلا أقل القليل مثل بنجامين فرانكلين وكان هذا تحديا جريئا حتىالمبدأ التخصص ذاته، بل لان ظهور نظرية كهذه يحتاج إلى تطور معين في العلم، من هذه الأمثلة كلها يتبين لنا بوضوح أن النزعات القومية أو الأيديولوجية ما زال لها تأثيرها القوى حتى في أرقى المجتمعات المعاصرة، وأن حكمنا عليه ينبغي أن يكون موضوعيا وأن العالم الكبير مواطن للعالم كله، هكذا يمكن القول أن كثيرا من مظاهر العلم ما زالت تتأثر بنزعات وتتشابه فيه الأفكار والعادات وتهدم فيه بالتدريج كل الحواجز التي تفرق بين البشر . ولا بد أن يأتي اليوم الذي تستغل فيه هذه الإمكانات الهائلة من اجل نشر ثقافة ذات مستوى إنساني رفيع على نطاق العالم كله .