الدعاية أو الإشهار اليوم عبارة عن تواصل جماعي هدفه جذب انتباه الفرد وتشجيعه على تبني سلوك معين، والإشهار أضحى اليوم محركاً اقتصاديا مهما، إذ يوجه أفكارنا ويؤثر على سلوكنا، وذلك بسبب التقدم الهائل في التقنية الإعلانية التي أضحت متحكمة في العملية الإنتاجية من حيث أنماط التسويق والعرض والاستهلاك، معتمدة في ذلك على خبراء متخصصين يضعون استراتيجية قائمة على مبدأ المتعة في التملك والتعطش إلى التسوق، فالحملات الإعلانية تخلق احتياجات جديدة وتشجعنا على استهلاك المزيد.وقد أضحى للإشهار والدعاية قوة وتأثير كبيرين على الناس في عصرنا الحالي، فالهدف الأساسي من الإشهار أو الدعاية هو ترويض الناس على الاستهلاك وخلق حاجات وهمية للناس ودفعهم إلى إشباعها بوسائل لا تنسجم مع الواقع، والأخطر من هذا كله هو تركيز الدعاية في زمننا المعاصر على تمجيد ثقافة الاستهلاك لدى الناس عن طريق تصوير المستهلكين كأناس عصريين متحضرين يعيشون في سعادة باستهلاكهم لخدمات ومنتوجات معينة. فإذا كان الإعلان التجاري مهمًا الى هذه الدرجة، فإن الطريقة التي يتم بها نقله إلى المستهلكين لا تقل أهمية عن ذلك.كثيرا ما نشاهد إعلانات لمنتجات تبدو في الحقيقة انها ذات جودة عالية وأن شكلها جميل ورائع، لكن عند شرائها نجد انها في الحقيقة على عكس ما يروّج. ليس كل ما نراه على شاشات التلفاز والمجلات واللافتات الإشهارية هو حقيقة مطلقة، إنما هي صناعة قائمة بذاتها تجعل المستهلك يتلهف لاقتناء المنتوج، والاستعداد لدفع أي ثمن مقابل الحصول عليه. وهو يظن أنه سيجد نفس ما رآه في الاعلان عند اقتنائه للمنتوج. كالمرأة التي تشاهد إعلان مساحيق الغسيل والنتيجة المذهلة التي تحدثها هذه المساحيق، بحيث تعيد الثوب ناصع البياض كأنه جديد، القماش لا يمكن ان يعود إلى لونه الاصلي مع توالي عمليات الغسل، إذ يفقد لونه المرة تلو الأخرى. وحتى مع استعمال هذا المسحوق لا تحصل النساء على النتيجة المروّجة في الإعلان. كالربط بين حنان الأم وقنينة المشروب فقد تشاهد في الإعلان أن هذا الشامبو او ذاك، ذا جودة وفعالية مذهلة على الشعر -خصوصا انهم يستغلون نجوما أو أشخاصا لهم شعر جميل من الأساس- فتظن ان هذا المنتج يجعل من الشعر ناعما وقويا ويعيد الحياة إلى بصيلاته. كما أنك لا تحصل على النتيجة والسعادة أو الشعور الذي ظننت أنك ستحصل عليه عند مشاهدتك للإعلان.أو في إعلان المشروبات الغازية التي تعتمد على الخداع والتمويه عن طريق محاولة الخلط بين مواقف إنسانية وعاطفية وفطرية مع مواقف أخرى عرضية، كالربط بين حنان الأم وقنينة المشروب بحيث يفهم أن هذه الشركة تقوم بدور تكميلي للأم من خلال مشروبها الغازي، هذا مع استثارة الانتماء الوطني لدى الناس عن طريق المتاجرة بالمنتخبات الرياضية بدعمها كمساند رسمي في المحافل الرياضية لكي تظهر الشركة كداعم للوطن ومدافعة عنه باعتبارها جزءًا من المجتمع، بالإضافة إلى دعم بعض المبادرات الاجتماعية والخيرية لتحسين صورتها أمام الناس والمجتمع المدني.صناعة الاشهار اليوم تقوم على مبدأ مهم ألا وهو الخداع، فهو يتحاشى مخاطبة العقل بل يخاطب الغرائز ويقوم بتحفيزها من أجل قيادة المستهلك لشراء خدماتها أو منتوجاتها وذلك عبر وسائل حديثة تستخدم فيها تقنيات متقدمة من علم النفس وعلم الاجتماع. وفي تصميم وصناعة الاشهار او الاعلان يتم الاعتماد على الصورة بالدرجة الاولى سواء كانت ثابتة او متحركة في شكل فيديو، الصورة التي يجب ان تلفت نظر المستهلك، وتستجيب لحاجياته ونواقصه، وتستفز أحاسيسه ورغباته. وهكذا فالصورة تلعب دورا هاما واساسيا في التأثير على المستهلك ودفعه الى اقتناء منتج معين.