تشير المصادر التاريخية للتواجد العماني في البحرين في فترتين : الاحتلال الأول (1717-1718م) : الفترة الاولى في بداية القرن الثامن عشر ، فبعد طرد العتوب الذين حاولوا الاستيلاء على البحرين عام 1700 على يد الهولة ، جاء دور العمانيين بقيادة سلطان بن سيف الثاني الذي استطاع الاستيلاء على البحرين بعد هزيمة الفرس . وفي أول سنة وردوا لأخذها رجعوا بالخيبة ولم يتمكنوا منها ، وداهية دهما ، لما وقع من عظم القتل والسلب والنهب وسفك الدماء ، ويلاحظ من خلال ألفاظ هذا النص مدى القسوة والعنف التي تعامل بها العمانيون أثناء عملية الاستيلاء على البحرين ، الا أن مؤلف كتاب (عمان عبر التاريخ) ينظر بمنظار اخر لهذا الاحتلال ، تحركوا للبحرين ، ولما رأى الامام (سلطان بن سيف الثاني) العجم يرومون أن يحلوا محل البرتغال في بلاد العرب ، ودارت رحى الحرب بين الفريقين فاندقت العصا الفارسية بالصخر العماني فكسرها ، وفر العجم من البحرين ، " وقد ورد ذكر هذه الحادثة في كتاب (عمان في التاريخ) لمجموعة من الباحثين (1995م) :" من أجل الأعمال التي قام بها الامام سلطان بن سيف الثاني تحرير البحرين من الفرس الذين كانوا قد احتلوها . وقد مهد الامام لتحقيق هذا الانجاز بتقوية قبضته على بعض الجزر التي تقع في مدخل الخليج مثل جزيرة لاركا والقسم وهرمز ، وكذلك على بعض المدن الفارسية الهامة مثل لنجة وبندر عباس ثم جهز جيشا بقيادة الشيخ حمير بن سيف بن ماجد وزحف هذا الجيش على البحرين ودارت معركة كبيرة بين الفريقين كان النصر فيها للجيش العماني مما أدى الى خروج الفرس من البحرين وتقلص نفوذهم في الخليج . أما عن تأريخ استيلاء العمانيين على البحرين فيقول وندل فيليبس(1989م) :"وقد هاجم هذا القائد (سلطان بن سيف الثاني) البحرين في عام 1717م واستولى عليها من الفرس ". ولكن الفرس عادوا لمهاجمة البحرين في العام التالي 1718م لتخليصها من سيطرة العمانيين فوقع القتال بين الطرفين وكان ضحيته شعب البحرين الذي لم تسلم دياره من الدمار فاضطر للهجرة للقطيف وغيرها من المناطق المجاورة . ويكشف الشيخ يوسف البحراني المتوفى (1772م) عن هذه الحادثة بقوله :"عسكر العجم مع جملة من الأعراب جاؤا لاستخلاص البحرين من أيدي الخوارج (حكام مسقط) في ضمن تلك الأيام ، فصرنا نرقب ما يصير من أمر ذلك وما ينتهي الحال من هذه المهالك حتى صارت الدائرة على العجم فقتلوا جميعا وحرقت البلاد ، وفي نفس العام 1718 "أخذت البحرين من أيدي العمانيين صلحا بعد دفع مبلغ خطير لامام الخوارج لعجز ملك العجم وضعفه وادبار دولته بسوء تدبيره . "(البحراني المتوفى 1772م) " فقد توجه سلطان بن أحمد للبحرين متذرعا بأن ال خليفة لم يدفعوا رسوم سفنهم القادمة من الهند والمارة في مسقط . لكن هدفه في الحقيقة هو احتلال البحرين(الزياني 1973م) ، ولكن هذا الأمر أزعج ال خليفة السنة خصوصا وأن سلطان قد أخذ من أعيان البلد 25 شخصا أو عائلة كرهائن الى مسقط ، وطرد ال خليفة للزبارة ، فاستنجدوا بالوهابيين الذين استطاعوا التغلب على العمانيين وطردهم من البحرين . او في عام 1809 . يقول السيابي (1986م) :" قبض شيوخ البحرين بلادهم ووضعوا رئاستهم عليها ، وهجم الزعماء على البحارنة -أي الشيعة- بعد منصرف سالم بن سلطان وأصحابه منها، وقتلوا الكثير منهم وأذلوا الأكثر ، وعذبوا الباقين منهم بها عذابا أليما ونكلوا بهم فوق الحد بدعوى دخول سلطان البحرين، لأنهم يدعون ان دخوله كان بسببهم ، وأنهم هم الذين حركوه على البحرين واختلاف المذاهب بين الطرفين يؤيد المقصد ، ورأى الشيعة البحارنة من أهل البحرين ما ساءهم فوق الحد . " البحرين والاحتلال الوهابي : والتمسوا حماية (حاكم) الوهابيين الذي شجعهم على الاستقرار في ذلك المكان ليستخدمهم ضد البحرين ، وحين أمر الوهابيون ال خلفية بالهجوم على مسقط أو القرين عام 1809 رفضوا ذلك مما أدى الى تنصيب عبد الله بن عفيصان وكيلا عن الوهابيين في البحرين عام 1810 حيث كان يأخذ الزكاة من ال خليفة . وحين شعر ال خليفة برغبة حكام مسقط في السيطرة على البحرين استنجدوا عام 1816 بالوهابيين مرة اخرى . "نخلص من ذلك أنه لم تكن هناك سياسة ثابتة لشيوخ ال خليفة بالنسبة لعلاقتهم بكل من فارس ومسقط والسعوديين والقواسم وانما كانت سياستهم تتحدد طبقا للظروف أو الأخطار التي يواجهونها فحينما استولى سلطان ابن أحمد على البحرين استعان ال خليفة بالسعوديين وحين سيطر السعوديون على البحرين استعان ال خليفة بألد أعدائهم وهو سلطان مسقط وحين ضغط السعودون على البحرين في عام 1817 أرسل ال خليفة رسالة يستنجدون بها بالفرس وأنهم يتطلعون الى الشاه في مساعدتهم ضد (خطر الوهابيين) . علاقة الشيخ الجبري بالشيخ الهولي وأنه تولى حكم البحرين في فترة الشاه عباس الصفوي الثاني، وبيَّن من أوصافه أنه اشتهر بحب النساء؛ بعد مقتل زوجها، وشرعت في التدبير للأخذ بثأره، فأمرت صائغًا بصنع صحن من فضة يحمل في وسطه نخلاً من ذهب، فانقرضت دولتهم من الأحساء سنة (999) كما بيناه في تاريخ الأحساء». إلى أن قال: «ويقال إن سبب انقراض دولة الشيخ الجبري من البحرين هو أنه كان مغرما بالنساء لم توصف له امرأة جميلة إلا سعى في طلبها». ومن خلال استعراض تفاصيل هذا الخبر، بينما تذكر مصادر التاريخ أن «بني جبر» انتهت إمارتهم في البحرين سنة 928هـ - 1521م، ولم يتبق في أيديهم سوى الأحساء، وهذه انتزعها بعدئذٍ، راشد بن مغامس، من آخر أمرائهم غصيب بن زامل، وكان قد استنجد به في نزاع وقع بينه وبين أخوته[116]. وهذا يعني أن الفترة التي وضعها لحكم الشيخ الجبري هي بين 1111 - 1113، هـ، وهذه الفترة بعيدة جدَّا عن فترة الشاه عباس الصفوي الثاني، وهذا ما سنثبته فيما يلي. وصفاته بالصورة التالية: أولاً: الانتماء إلى قبيلة بني جبر والنسبة إليها (جبري): ثانياً: في عرضه فترة حكم الشيخ جبارة الهولي أشار إلى أنها «في أواخر دولة السلاطين الصفوية»، كذلك ربطها بقيام نادر شاه، ولا شك أن الفترة بين عام 1111 - 1113هـ، هي أقرب إلى نهاية الدولة الصفوية. ثالثاً: حب الشيخ الجبري الشديد للنساء. رابعاً: ارتباط أسباب سقوط حكم الشيخ الجبري لجزيرة البحرين بقصة امرأة كانت المحرك لقوات الشاه ضد الشيخ الجبري والبحرين. ومن خلال التمعن والنظر جيدا في هذه الصفات التي ذكرها النبهاني أثناء الحديث عن الشيخ الجبري يتضح لنا بما لا يدعو مجالا للشك بان الشيخ الجبري هو نفسه الشيخ جبارة الهولي، فقد ورد في وصف الشيخ جبارة التالي: أولاً: اتصال النسب بقبيلة بني جبر (الجبور): وهم فخذ من الجبور هاجروا من موضع شمال القطيف يسمى «اليعيمية» والمقصود هنا بلدة الجعيمة ويستند المؤلف في ذلك القول على رسالة أرسلها الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة نجل حاكم البحرين في تلك الفترة إلى الشيخ جبارة النصوري حفيد الشيخ جبارة الهولي حاكم جزيرة البحرين تؤكد خبر انتساب قبيلة النصوريين إلى بني خالد، في حين نجد ما يدعم هذا النسب ورود الإشارة إلى تحالف الشيخ جبارة الهولي مع بني خالد لصد الهجوم الفارسي علي جزيرة البحرين عام 1148هـ في الوثائق الهولندية، وهذا - وبلا أدنى شك - يقوي صحة انتساب الشيخ جبارة الهولي إلى فرع الجبور من بني خالد[121]. ثانيا: فترة حكم الشيخ الجبري لجزيرة البحرين: وأما بخصوص تطابق الفترة الزمنية التي ظهر فيها الشيخ الجبري حسب وصف النبهاني له بأنه ظهر عام 1111 - 1113، آخر فترة الحكم الصفوي فهذا التاريخ وهذا الوصف يقرب مما جاء في المصادر الهولندية والانجليزية والتي تذكر بأن الشيخ جبارة الهولي تولى حكم جزيرة البحرين بمعاونة الشاه أشرف قائد القوات الأفغانية وذلك مكافأة له لمعاونة القوات الأفغانية التي اجتاحت إيران عام 1131هـ واحتلال بندر عباس، وجزيرة هرمز، والذي عزله نادر شاه في هذه الفترة ونصب نفسه شاه على إيران[122]. ثالثاً: الشيخ الجبري و تهمة حب النساء: تذكر المؤرخة البحرينية المعاصرة مي محمد آل خليفة في كتابها “محمد بن خليفة الأسطورة والتاريخ الموازي في الصفحة (107)، وأنه خصص لهذا الغرض عددًا من الجنود مهمتهم الدفاع عن البحرين وجلب النساء الجميلات له للاستمتاع بهن[123]. رابعاً: قصة المرأة التي كانت سببا في سقوط حكم الشيخ الجبري: تذكر الرواية التي دونها النبهاني في كتابه أن الشيخ الجبري رغب في زوجة وزيره ولكن زوجة الوزير تمكنت من الهرب إلى جزيرة دارين وطلبت عون الشاه عباس الصفوي فحرك سفنه إلى جزيرة البحرين فاحتلها. هذه القصة وردت في المصادر الهولندية بشيء من التفصيل والدقه فهذه المرأة في الحقيقة لم تكن زوجة وزير الشيخ جبارة الهولي أو الجبري وإنما كانت زوجة حليفه الشيخ راشد المرزوقي حاكم جزيرة قشم والذي توفي عام 1147هـ في فترة نهاية الدولة الصفوية زمن الشاه عباس الصغير الذي عزله نادر شاه، وليس دارين وعندما علم الشيخ جبارة الهولي بذلك تقدم وطلب الزواج من هذه الأرملة مما تسبب في ثورة ضد سفن نادر شاه بالقرب من جزيرة القشم فتطورت الأحداث إلى إرسال سفن إلى جزيرة البحرين واحتلالها وإسقاط الشيخ جبارة[124]. وبمطابقة الوصف الوارد في كتاب النبهاني للشيخ الجبري بما ورد في مختلف المصادر سواء الأوربية أو الفارسية بخصوص الشيخ جبارة الهولي نستطيع التحقق والاطمئنان إلى القول بان الشيخ الجبري هو الشيخ جبارة الهولي. الخطأ الثالث: خبر غزو العمانيين للبحرين عام 1151هـ تحدث الشيخ النبهاني في “تحفته” عن أخبار الشيخ جبارة الهولي حاكم جزيرة البحرين، وشرح لنا تفاصيل الطريقة التي سقط بها حكمه زمن نادر شاه أفشار وكيف سيطر الفرس العجم على جزيرة البحرين، وذلك بعد أن استطاع إيقاع الهزيمة بقوات نادر شاه بعد سنتين فقط من سقوط حكم الشيخ جبارة، وكيف استطاع الإمام العماني من إتمام عملية تحرير جزيرة البحرين من سيطرة الفرس بنجاح عام 1152هـ، وهذا الخطأ، وهذا الأسلوب في الطرح من شأنه إيقاع القارئ في ظلمة الوهم بجعله يتصور أن الإمام العماني قام بعمل انتقامي ضد الفرس نتيجة إسقاط الفرس لحكم الشيخ جبارة، ونشره في كتابه «عقد اللآل في تاريخ أوال» وزاد عليه تعليقات منها ذكر الاعتداء والمجازر التي ارتكبها الخوارج العمانيون في حق شيعة البحرين، ثم في السنة الثانية وهي سنة (1152هـ) صدر أمر نادر شاه إلى عامليه محمد تقي خان وكلب علي خان بأن يوجها همتها إلى قتل حاكم مسقط بأي وجه كان. » انتهى كلامه. مما أدى إلى تدخل نادر شاه في شؤون عمان الداخلية كما وانه استطاع أيضا احتلال أجزاء كبيرة من الأراضي العمانية بحجة مناصرة الإمام سيف بن سلطان ضد «أبو العرب»، وعليه فإنه لم يرد أو يثبت في أي مصدر معتبر صحة خبر استيلاء العمانيين على البحرين في الفترة (1151 - 1153هـ)، التي ذكرها الشيخ النبهاني في كتابه، والصحيحة أن نادر شاه استطاع انتزاع جزيرة البحرين من يد الشيخ جبارة الهولي عام 1149هـ، وبقيت البحرين تحت سيطرته إلى أن قتل عام 1159هـ، وبالتالي تم تنصيب الشيخ محمد بن ماجد الحرمي حاكما على الجزيرة، وبذلك يكون كل ما أورده النبهاني بخصوص استيلاء إمام عمان على جزيرة البحرين، واستيلاء الدولة الصفوية على جزيرة البحرين، ولم تكن زمن دولة أفشار، وتفاصيل هذه الأحداث مثبتة وموثقة بشكل جيد في جل مصادر التاريخ العماني التي تذكر أن العمانيبن استولوا على جزيرة البحرين قرابة العام 1127هـ زمن الإمام سلطان بن سيف اليعربي الذي توفي في 5 جمادي الآخر سنة 1131هـ، كما توجد تفاصيل الأحداث التي كانت بعد وفاة الإمام الذي ورثه في العرش ولدان أحدهما اسمه سيف، وكان يافعا صغيرا، وأما الآخر فاسمه مهنا، وكان بالغا رشيدا، فانقسم الناس في أمر الخلافة، ونتج عن هذا الاختلاف فتنة عظيمة كانت السبب في سقوط دولة اليعاربة، وسيف بن سلطان الذي ذكره النبهاني كان في الأصل حليفا لنادر شاه عام 1151هـ، ولم يرد في أي من مصادر التاريخ بأنه استولى على جزيرة البحرين[125].