فإن لم يفعلوا وأبوا إلا أن يغفلوا الجامعة الإنسانية في دعائهم إلى جوامعهم التي يدعون إليها فليعلموا أن الإنسانية ملاك كل شيء, فإذا ذهبت ذهب بذهابها كل شيء. ليس لساكن وطن من الأوطان أو صاحب دين من الأديان أن يقول لغيره ممن يسكن وطنا غير وطنه,  أو يدين بدين غير دينه: أنا غيرك, ففي كل بلد وفي كل يوم يستعجم العربي ويستعرب الأعجمي ويسلم المسيحي ويتهود الوثني ويلحد المؤمن ويؤمن الجاحد ويستشرق المغربي ويستغرب المشرقي، إذا جاز لكل إقليم أن يتنكر لغيره جاز لكل بلد أن يتنكر لكل بلد, بل جاز لكل بيت أن ينظر تلك النظرة الشزراء إلى البيت الذي يجاوره,  بل جاز للأب أن يقول لولده وللولد أن يقول لأبيه: إليك عني, لا تمد عينيك إلى شيء مما في يدي, ولا تطمع أن أوثرك على نفسي بشيء مما اختصصتها به؛ لأنني غيرك فيجب أو حريقا يتقلب في النار حتى تحدثه نفسه بالمخاطرة في سبيله فيقف موقف الحزين المتلهف إن كان ضعيفا ويندفع اندفاع الشجاع المستقتل إن كان قويا,