رضوان الله عليهم اشتغال الناس بتدوين السنة النبوية، صرفاً لعناية الكتبة إلى جمع القرآن الكريم، مع الاعتماد على أن السنة النبوية محفوظة عن طريق الرواية الشفوية من جهة، وساعدهم على ذلك محبتهم الشديدة لحديث رسول الله ، مما حملهم على حفظ السنة النبوية في صدورهم، واستيعابهم لها في قلوبهم وسلوكهم، على ما كان عليه حال العرب الذين يعتمدون على ذاكرتهم في حفظ تاريخهم وأنسابهم وغزواتهم وأشعارهم، فلم يكن هناك تدوين رسمي للسنة النبوية على مستوى الأمة في هذا العصر المبارك، وهذا عمر بن الخطاب ، لم يثبت عنه أنه أمر بتدوين السنة، والمشهور في ذلك ما رواه عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب الله أراد أن يكتب السنن، فاستفتى أصحاب النبي الله في ذلك، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فانكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبدا) ولا ينفي هذا أن بعض أفراد الصحابة كانوا يكتبون لأنفسهم. ولكن الشيء الذي لم يحدث في ذلك العصر هو تدوين السنن المحفوظة في الصدور، كما فعلوا في كتابة القرآن الكريم. ولقد كان القصد من هذا المنع من التدوين هو توفير الجهود كلها فهدى الصحابة رضوان الله عليه في هذا العهد الراشد إلى تخصيص القرآن وحده بالكتابة، لئلا يلتبس به شيء حتى يثبت في الصدور وينتشر في الآفاق. أما السنن فلم يضع أو ينقص منها شيء - رغم أنها لم تدون - إذا كانت الصدور الواعية تمسك بها.