قال الفيلسوف : 《زعموا أن حمامة كانت تفرخ في رأس نخلة طويلة ذاهبة في السماء ، فكانت الحمامة تشرع في نقل العش إلى رأس تلك النخلة ، فلا يمكن أن تنقل من العش ، وتجعله تحت البيض إلا بعد شدة وتعب ومشقة ، لطول النخلة وسحقها》. فإذا فرغت من النقل باضت ، فإذا فقسـت وادرك فراخها جاءها ثعلـب قـد تعاهد ذلك منها لوقت قد علمه بقدر ما تنهض فراخها ، فيقف بأصل النخلة ، فيصيح بها ويتوعدها أن يرقى إليها ، إذ أقبل مالك الحزين فوقع على النخلة ، فلما رأي الحمامـة كئيبة ، قال لها مالك الحزين :《يا حمامة ، سيئة الحال ؟ » فقالت له : « يا مالك الحزين إن ثعلباً دهيت به ، كلما كان لي فرخان جـاء يهددنـي ويـصيـح في أصـل النـخـلـة ، قـال لها مالك الحزيـن : « إذا أتاك ليفعـل ما تقولين فقولي لـه :《 و لا القي إليك فرخي ، وغرر بنفسك ، فإذا فعلت ذلك وأكلت فرخي طرت عنك ونجوت بنفسي 》. فلمـا علمـهـا مـالطـك الحزين هذه الحيلـة طار ، فوقع على شاطئ نهر ، فأقبـل الثعلب في الوقت الذي عرف ، ثم صاح كما كان يفعل ، فأجابته الحمامة بما علمها مالك الحزيـن ، فـقـال الثعلب أخبريني من علمك هذا ؟ قالـت : « علمني مالك الحزين » . فتوجه الثعلب حتى أتي مالك الحزين على شاطئ النهر ، فقال له الثعلب : « يا مالك الحزين ، إذا أتتك الريح عن يمينك فأين تجعل رأسـك 》؟ قال :《 عن شمالي » ، قال : « فإذا شمالك فأين تجعل رأسـك » ؟ قال : « أجعله عن يميني أو خلفي » قال : « فإذا أتتكمن كل مكان وكل ناحية فاين تجعله ؟》قال :《اجعله تحت جناحي 》، قال:《وكيف تستطيع ان تجعله تحت جناحك 》؟ ماراه يتهيأ لك .قال :《ارني كيف تصنع ؟فلعمري يامعشر الطير لقد فضلكن الله علينا ،انكن تدرين في ساعة واحدة مثلما ماندري في سنة ، فادخل راسه تحت جناحه ،فوثب عليه الثعلب مكـانـه ، فأخذه فهمزه همزة دقت عنقه . ثم قال : يا عدو نفسه ! ترى الرأي للحمامة وتعلمها الحيلة لنفسها وتعجز عن ذلك لنفسك ، حتى يستمكن منك عدوك ،