رضع زوجي بعد طول صراع أن يَستَدينَ لِسافِرَ هذا الصيف. وَهَلْ كَانَ يَتَوَفَّعُ مِنِّي تَحَمْلَ حَرارَةِ صَفِنَا وَشِوَائِهِ اللَّاهِبِ ؟ | أخذتُ نَفَسًا عميقا وأنـا داخـل معركة جديدة أعرف نتائجها سَلَفًا. تعباتُ بالصبر وطول البال وزاد (الدق) حتى تَفَكَّكت أو صالة واستَجَابَ لِلطلبي. لَمْ أكُن مِن أولئك النسوة اللاتي بَيْنَ بسرعة وبأنف امرأةٍ خَبيرَةِ العِزَّة والحَمِيَّة عرفتُ مَداخِلَ زَوجِي وَمَخَارِجَهُ. وَكُلُّ مَسرَبٍ مِن مَسارِيهِ كُنتُ أَمَلِكُ سدادَتَهُ وَمَفاتيحة بيدي . ألوح بها متى أشاءُ وكيفما أشاءُ مرحبًا بِكُم عَلى خُطوطِ الطَّيران الماليزي. الرَّحلَةُ تَستَغرِقُ سَبع ساعاتٍ مع توقف في باكستان». حين خلقت بنا الطَّائِرَةُ استَرخَيتُ على الكرسي. شَعَرتُ بِالرّاحة العميقَةِ بَعدَ فَلَقٍ عَظِيمٍ. كُنتُ خائفةً أن تَسْمَتَ بي جاراتي وصديقاتي حينَ يُلغي زوجي فكرةَ السَّفَرِ مِن أَجِندَتِهِ. أقسم علي الا أبقى تَحتَ شَمسِ هذا الصيف. محتار إلى أينَ يُسافِرُ بي!! أريد أن أسافر. ومنذ ذلك الوقتِ بَدَات مَعَرَكَةٌ أَشَدُّ مِن (درعِ الجَزيرَةِ). سقطت رايته. وانبسطت قلاعُهُ وَحُصُوتُهُ المَنِيعَةُ أَمَامَ هَدِيري الكاسِحَ الَّذِي دَأَيتُ عَلَيْهِ لَيْلَ نَهارَ، كَانَ يَظُنُّ مُتَوَهُمَا أَنَّني سَأسْتَسلِمُ لِلواقع . وها أنا في مقعدي في الطَّائِرَةِ. لا أَصَدِّقُ نَفسي !! كم كُنتُ أَحلُمُ بِالسَّفَرِ البَعِيدِ والتجوال حول العالم. أشاهِدُ (دانية الخطيب) وقافلتهـا فـي رحلاتها المُختَلِفَةِ فَأَعَضُّ أَنامِلي فَهِرًا وَغَيْظَا، وَأَنظُرُ إلى زوجي الفقير، وَأَنحَسْرُ لماذا لا تتحقق أحلامنا | الكثيرة مُنذُ وَعَيتُ عَلى الدُّنيا و أحلامي مسروقةٌ أو مبشورة. حَلُمتُ بِإكْمَالِ دِرَاسَتِي وَأَن أُصبحَ طَبِيبَةً مَشهورَةً، بين جدران بيتي الكتيب. تَخَيَّلتُ زَوجَ المُسْتَقَبَلِ غَنِيًّا سَيَحْمِلُني على كفوفِ الرّاحَةِ فَإذا أنا خادِمَةٌ في بَيتِ أَبِيهِ الكَبير . رَضِيتُ بِهِ وَأَرَدْتُهُ زَوجًا يَصْنَعُ مِنَ المُتَعِ الصَّغِيرَةِ أَفراحا كبيرة فَإِذَا بِهِ لا يعرفُ شَرقَ | الأرض من غربها. للغاية !! كُلَّ أحلامي بعيدة. سماواتِ المُستحيل. أوروبا. يردد لا حول ولا قوة إلا بالله أَطبَق بِيَدِهِ عَلَى فَمِي، وَهُوَ يُحَوقِلُ وَيُتَتِمُ بِعِبَارَاتٍ، لم يَرْغَبُ مَزاجي الرائق في فَكِّ رُموزها كَعَادَتِي مَعَهُ. رُبَّمَا لَا تُصَدِّقُنِي الجارات؛ يا. رحلة طويلة، كلُّ شَيءٍ يَهونُ مِن أجل إغاظة (علياء) أريد أن يَتَعَكَّرَ مِزَاجُهَا وَيَسوهُ يَومُها. كانت دائما بدا لي، في المدرسةِ والحَيِّ، وَحِينَ تَزوَّجَتْ، لَم يَسْعُر يوجودي في ظل (علياة) كانت العُيونُ لا تَرى إِلَّا جَمالها. ولا تَتَتَبَّعُ إِلَّا أخبارها، وَحينَ تَزوَّجَتْ . كانَ زَواجُها حُلُمَ كُلِّ فتاة. أمـا أنـا فَكانَ زَواجي تقليديا. لم أفرَحْ وَلَم أحزَنْ. حتى زوجي لم يُظهر أي شعور بنشوة الانتصار، بأنه فاز بي مِن دونِ شَبابِ الحَيِّ، لَو كَانَ فَعَلَها لَما جَعَلَتُهَا نِدا لي في عقلي وَحَياتي. كانت تَتَعَمَّدُ زيارتي دائما لإغاظتي والنِّكَابَةِ بي. انتبهنا على صوتِ قائِدِ الطَّائِرَةِ. - هَل نَحنُ نَسيرُ في الشارع؟ من أين جاءت هذهِ المَطَباتُ؟ - اذكري الله . لم أنتظـر الــد. بداتُ اسْمَعُ صُراحًا وَالْغَطا. الأطفال الذين شرعوا في البكاء. وَسادَ المَكَانَ تَوثُرٌ شَدِيدٌ. عاد صوتُ قائِدِ الطَّائِرَةِ يَدعونا للتَّمَسكِ جَيْدًا. بعضُ الرُّكَابِ بَدَوْوا يُسمّونَ وَيُحَوقِلونَ . إذن. السَّابِقَةِ. شَعَرنَا بِالمَلانِ. كانَ المَطَرُ يَهطل في الخارج. ونحن الآن بين سماءٍ وَأَرضِ علبة حديدية. صدري والتَصَقَ بِضُلوعي. انكَمَشتُ كَفَارَةِ مَذعورة. كُنتُ أنظر إلى زوجي بِعَينَينِ فَفَزَنَا مِن مِحْجَرَيْهما. وَتَلَوَّنَ بكل الألوان إلا لون الحياة. قَرَاتُ الخوف والذعر عَلَى وَجهِ زَوجي الذي أَمْسَكَ بَيْدي، وَبَدَأَ يَقرَأُ وَيُرَدِّدُ الآيات والأدعية. أمسك بـي الأعـرُ وَقَلْبَنِي كَيْفَ شَاءَ. وَأَوْرَقَ في صدري المرعوب: اللهم اغفر لي. سيغفر ماذا؟ ما أكثَرَ ذُنوبي وَأَبْشَعَها؟ أه . ليتني ما تَطاوَلتُ عَلى زوجي المسكينِ، لكنَّه سيكونُ شَهِيدًا . لَا أَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَنِي يَومًا أو أهانني. ليتَهُ فَعَلَ وَضَرَبَني. فما كان سيحدث ما حدث. لَيتَهُ أوقفني عِندَ حَدّي ، وَفَعَلَ مِثلَ مَا فَعَلَ أبي بأمي حين عائلته، إذ أمسك بحزامِهِ، سامحيني يا علياء. سَقَطَتْ عَيْنايَ عَلَى زَوجي. لا يَزالُ يَقرَأُ الآياتِ. شَعَرتُ بِمَعْصِ شَديدِ وَرَغبَةٍ فِي التَّقَيُّو. رَجَةٌ جَديدَةٌ. «مَنْ كَانَ آخر كلامه لا إله إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وأنها وسعت بَغِيًّا سَلَتْ كلها الماء، ولكنني لم است زوجي سوى الهم والنكد والدل: يارب سامحني. توبة نصوحا لا أعود بعدها أبدا. يا ويلي لو مِتُ وأنا على هذه الحال . بدات اتشهد لا أدري كم مر من الوقت حتى انساب صوت قائدِ الطَّائِرَةِ يُبَشِّرُنَا بِتَجاوُزِ المَطَبَاتِ شعرتُ بجُنُو غريب على زوجي الحبيب. كان خالِفًا عَليَّ وَظَلُّ يَرْقِينِي بِآيَاتِ اللَّهِ وَيُهَدِّى من روعي حاولت أن أغبيض عينى، الساعة جاوزت الرابعة فجرًا. كانت مدينة مستيقظة تحت زناة الندى، وقطرات المطر المُبكر. كان منظرًا خَلابًا. اليوت الخشبية بأسقفها الحمر. حملتُ (الكاميرا) وبدأت أصور. هبطت الطائرة في مطار العاصمة. أخذت عجلاتها تنزلق على أرض المدرج الواسع حتى استقرت. في مثل هذا الصباح التنظيف. انتقلنا بواسطة القطار للجهة الثانية من المطار. لاحظ زوجي انشغالي في البحث. لم أرد. انطَلَقتُ نَحوَ كَبينَةِ الهاتِفِ العُمومي .