تُعَدُّ العقيدة السياسية والعسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي واحدة من الركائز الأساسية التي ساهمت في تشكيل هويتها وتعريف وجودها على المستويين الإقليمي والدولي. فمنذ تأسيسها عام 1948، اعتمدت إسرائيل على مزيج من الأيديولوجيا الصهيونية والأفكار الدينية والتوجهات العسكرية الصارمة لتبرير وجودها وضمان استمراريتها في منطقة تُعتبر من أكثر المناطق توترًا في العالم. تأتي أهمية البحث في هذا الموضوع من الحاجة الملحة لفهم الكيفية التي تشكلت بها الدولة الإسرائيلية عبر عقيدتها السياسية والعسكرية، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها العالم العربي والقضية الفلسطينية، فمن خلال تحليل هذه العقيدة، يمكن فهم الأسس التي قامت عليها السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين ودول الجوار، بالإضافة إلى التعرف على مدى تأثير الدين في صنع القرارات السياسية والعسكرية، كما أن دراسة هذا الموضوع تُساعد في تحليل السيناريوهات المستقبلية للصراع العربي الإسرائيلي، تبرز مبررات البحث في ظل استمرار السياسات التوسعية الإسرائيلية وفرضها للأمر الواقع على الأرض الفلسطينية من خلال الاستيطان والسيطرة العسكرية، سعت إلى ترسيخ وجودها عبر رؤية أيديولوجية تستند إلى مفاهيم دينية وتاريخية، تمثلت في الاعتقاد بأن أرض فلسطين هي "أرض الميعاد" التي وعد بها الله اليهود، بل هي جزء أساسي من مشروعها الاستعماري الذي يهدف إلى التوسع والهيمنة في المنطقة، إن العقيدة العسكرية الإسرائيلية تقوم على مبدأ الردع، حيث تسعى إسرائيل إلى امتلاك قوة عسكرية متفوقة لضمان تفوقها النوعي على جيرانها، فقد شكلت الإطار العام الذي تبني عليه إسرائيل سياساتها تجاه الفلسطينيين والعالم، من خلال تكريس فكرة "الدولة اليهودية" والعمل على تحقيق الاعتراف الدولي بها، إلى جانب التلاعب بالرأي العام العالمي عبر خطاب يعتمد على مظلومية الشعب اليهودي التي تعود إلى الهولوكوست والتاريخ الطويل من الاضطهاد، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين من خلال التوسع الاستيطاني المستمر وتهجير السكان الفلسطينيين. وهذا يعكس توجهًا استراتيجيًا بعيد المدى يهدف إلى تحويل الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. أما بالنسبة إلى السيناريوهات المستقبلية، فإن استمرار العقيدة العسكرية والسياسية الإسرائيلية دون وجود ردود فعل عربية ودولية حازمة قد يؤدي إلى تكريس الاحتلال وتوسيع رقعة الاستيطان بشكل أكبر، مما يزيد من تعقيد حل الدولتين ويجعل احتمالية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرًا صعب التحقيق. فإن تزايد المقاومة الفلسطينية والدعم الدولي المتنامي للقضية الفلسطينية يمكن أن يفرض قيودًا على إسرائيل ويجبرها على إعادة النظر في سياساتها التوسعية، فإن السيناريوهات المستقبلية قد تشمل تحولًا في الموقف الدولي تجاه إسرائيل، مع تزايد عدد السكان العرب داخل الخط الأخضر، قد تشكل تحديًا مستقبليًا يهدد هوية الدولة اليهودية التي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى الحفاظ عليها بأي ثمن. يُعتبر البحث في دور العقيدة السياسية والعسكرية في تشكيل وتعريف دولة الاحتلال الإسرائيلي من المواضيع الحيوية التي تتيح لنا فهم أعمق لطبيعة السياسات الإسرائيلية وتأثيراتها المستقبلية المحتملة، و إن التصدي لهذا المشروع يتطلب رؤية شاملة تجمع بين المقاومة السياسية والدبلوماسية والميدانية لمواجهة المخاطر التي تفرضها إسرائيل من خلال عقيدتها المتطرفة، والعمل على تعزيز الوعي الدولي حول حقيقة الاحتلال الإسرائيلي وتأثيراته السلبية على الشعب الفلسطيني والمنطقة ككل.