فبعد أن كان عرب الجاهلية يشعلون الحروب لعقود من الزمن من أجل ناقة أو نيل ثأر ويهدرون في ذلك الدماء ويقيمون العداوات بينهم لقرون، ولذلك فإن القرآن جعل غايته أن يدخل الناس في فنادى المؤمنين بأن يتخذوه غاية عامة، قال الله عز وجل مخاطباً أهل الإيمان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بل إن من صفات المؤمنين أنهم يردون على جهل الآخرين بالسلم، هنا مسلكاً لرد عدوان الجاهلين، وإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا). ومسلك العفو لا يستوي ومسلك الانتقام، ومسلك اللين لا يستوي ومسلك الشدة والغلظة، والإحسان إلى المسيئين مصداقاً لما قال تعالى موصياً سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم . وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةٌ وَلَا السَّيِّئَةَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) كما أنهم دعوا إلى الجنوح للسلم فقال تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وشجع القرآن المسلمين على التزام السلم - وهذا وقت الحرب وطالبهم بتلمس فقال تعالى: (فَإِنَّ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ ويقول الإمام علي رضي الله عنه في عهده لمالك الاشتر: ولا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوك والله