فصارت لغة التخاطب والتفاهم ، والتي تتميز – رغم اختلافها فيما بينها بسبب الاختلاف المحلى والاجتماعي - تميزاً واضحاً عن العربية الفصحى بطائفة من السمات والخصائص المشتركة بينها في المادة الصوتية وصوغ القوالب ، والقواعد النحوية والثروة اللفظية ، فمادتها الصوتية تشير إلى طابع معين من التيسير والتسهيل ، ويتعلق بهذا حذف الهمز (1) الذى استفاض في العصر الجاهلي في لهجة الحجازيين (۲) وأخذ في العربية المولدة صورة واسعة ذات أثر واضح في صوغ القوالب . كما يتعلق بهذا أيضاً تغيير حرف الضاد ؛ وهذا الصوت الذي هو في أصله الحرف المطبق القسيم للذال ، بحيث يسمى العرب (۳) في أحد الأحاديث المشهورة : الناطقين بالضاد ؛ ويكثر إبداله بغيره من الأصوات على ألسنة غير العرب ؛ فيكثر بوجه خاص إبداله بالظاء التي هي الحرف المطبق القسيم للثاء المهموسة (4) ، وهي صعبة النطق كذلك على غير اللسان العربي. وقد روى الجاحظ (٥) قصة البصرى الذي سمى جاريته : ظمياء ، وقرن بذلك خبراً يفيد أن نصر بن سيار ، نصح الموالى أن يسموا خدمهم بأسماء يستطيعون أن يلفظوا بها . وهذه التغييرات الصوتية ازدادت على مر القرون . وكم ذا حاول النحاة أن يعالجوها ، فها هو ذا الحريري يحشد في المقامة السادسة والأربعين مجموعة من الألفاظ الطائية ؛ وفي القرن السابع يؤلف ابن مالك قصيدة تعليمية كتب هو شرحها،