يرى الدكتور يوسف اليوسف أنّ المنهج الجدلي هو الأداة الوحيدة الحاسمة في تخليص الأدب الجاهلي من أكاذيب المستشرقين، ويتعجب كيف سكت أصحاب هذا المنهج من العرب عن أطروحات الدكتور طه حسين وشكوكه. يبين يوسف اليوسف أن القرآن الذي يشكل ذروة في جمالية الأسلوب وعمق التعبير الفني، لم يكن ليخاطب به الله الناس لو لم يكونوا قد بلغوا مستوى من الفصاحة والفنية يؤهلهم للتواصل مع الكتاب وفهمه واستيعابه بوصفه أنظومة لعلاقاتهم الزمنية والأزلية، فمن أين جاء للناس هذا الارتقاء في الفصاحة والفنية التي تهيئهم لفهم القرآن واستيعابه إن لم يكن قد جاءهم عبر ثقافة سابقة على الكتاب. ويضيف الدكتور يوسف اليوسف في كتابه ( مقالات في الشعر الجاهلي ) ما يلي: "إن القرآن باعتباره قفزة هائلة في الأسلبة العربية والارتقاء الأدبي والكتابي يستحيل –عقلا- أن يبلغ هذه القفزة لو لم يكن قد شرطته تراكمات كمية في التطور الكتابي شرطا ضروريا. ولا يمكن أن يكون هذا التراكم شيئا غير الشعر الجاهلي. ويذهب مذهبا آخر في دحض ما ادعاه مارجليوث وطه حسين "والحق انه لو لم يصلنا شعر جاهلي لكان من واجبنا أن نتساءل عنه بعد قراءة القرآن، ويضيف يوسف اليوسف "إن المنهج الجدلي يمنحنا حجة حاسمة أخرى مؤداها أن شعر القرن السابع الميلادي (الاخطل، كان من المتعذر أن يأتي على هذه الحالة من الجودة والنضج الفني لو لم يشرطه تطور طويل في الاساليب الشعرية". ثمة حجة أخرى فحواها أن الواقع يصنع الوعي ويحدد محتوياتهـ فلا يملك أي كان لم يعش في الحقبة الجاهلية،