«غزوة بني هلال وبني سليم للمغرب»، عنوان بحث لطالبة فايزة محمد صالح أمين سجيي، أصله بحث الحصول على الماجستر في التاريخ الإسلامي في السنة الدراسية 1981-1980 بالمملكة العربية السعودية. كلها مواقف يحسن الوقوف عندها. وجدنا أنفسنا أمام مجتمعات متعددة ثقافيا وعنصريا، أتمنى أن يوزع الكتاب بكل بلدان المغرب الكبير، «غزوة بني هلال وبني سليم للمغرب» دراسة مهمة للغاية، مع العلم أن الغاية الاقتصادية للمشاركة في أي حرب، فالكلام من جنسه غير وارد بالمطلق، صحيح أن السياسة اللغوية في المغرب الأقصى لم ترسو بعد، بتنزيل ما يتصل بها من فصول الدستور المغربي لسنة 2011، ولو أن الدستور المغربي يقر بالتعدد اللغوي والثقافي نجد من الذين تعربوا من يحنون إلى النظرية الاستعابية التي تقضي الإقرار بدين واحد ولغة واحدة في وطن واحد، سوى «أن يطلقوا العنان لقبائل عربية بني سليم وبني هلال، التي كانت تثير الاضطراب في مصر، والشام ليتوجهوا إلى المغرب»، طمعا «في تأديب المعز بن باديس الذي جهر بعداء الفاطميين وشجع على قيام المذابح لأتباعهم في المغرب، بين الأمازيغ والعرب، بداية لعملية غزو بني هلال وبني سليم للمغرب الكبير حيث «تملكوا أفريقية والمغرب الأوسط»، ولم تكلف الدولة العباسية نفسها عناء إضاعة الجهود في المغرب، لذلك نشأت دول مستقلة في المغرب الكبير، وأضحت بلاد المغرب الكبير ملجأ للحركات السرية المضطهدة في المشرق وملاذا آمنا لتعلن علانيتها وإيديولوجيتها، ولو «أن العرب لم يكن المغرب لهم بوطن قبل الغزوة الهيلالية»، كما قال ابن خلدون (صفحة 13 من البحث المذكور)، فإن حاملي الإيديولوجيات استقروا بعض الوقت، كنحو « الدولة الرستمية الإباضية، ثم أتى الفاطميون ليقضوا على هذه الدويلات، ولتنشأ دول أمازيغية بعد ذلك. ففي عهد المعز بن باديس حدث ما لا ينتظر، حيث انثنى ابن باديس ولم يف بالعهد، هنالك فكر الفاطميون في تأديبه بتوجيه عرب بني هلال وبني سليم إلى أفريقية لمضايقته، فكان حدوث أحداث جسام بأفريقية إذ نزل بها «بلاء لم ينزل بها مثله»، كما قال ابن خلدون، «لقد تسابقت رياح والأثبج وبنوعدي إلى أفريقية، وقطعوا السبيل وعاثوا في الأرض وأرادوا الوصول إلى القيروان»، عن ابن الأثير نقلا عن البحث المذكور (صفحة 82). إن تأديب المعز بن باديس الصنهاجي إعلان صريح للعداء بين الفاطميين والصنهاجيين، أو بين صنهاجة والعرب، انتهى بانتصار العرب وانهزام صنهاجة تقول الأستاذة فايزة. وامتدت يد العرب إلى زناتة، لكنها «مثل العرب في أساليب معيشتهم وقوة بأسهم، يقول ابن خلدون نقلا عن البحث المذكور (صفحة 114 وما بعدها)، ولئن وجد العرب «بغيتهم في دولتي صنهاجة لضعفها»، وهي دولتا بني زيري وبني حماد، فإن الأمر مختلف «عندما قامت دولة الموحدين»، واستولى على البلاد التي كانوا متغلبين عليها. فأخذ من كل قبيلة من عرب أفريقية ألفا وأدخلهم إلى المغرب بعيالهم» (صفحة 123). انقسمت دولتهم بين ثلاث دول بربرية (أمازيغية) مستقلة، وبنو عبد الواد الزناتيين في المغرب الأوسط، وبنو مرين في المغرب الأقصى»، هنالك نشأ الصراع بين العرب والأمازيغ، فصلت الطالبة القول في ذلك مستشهدة بالمصادر التاريخية. ويعنينا من الغزو العربي لبلاد المغرب الكبير أن أصبح «جزءا من شعوب المغرب، أن العرب استعملتهم الدول القائمة لمحاربة إخوانهم، فهو تأكيد لصحة المجال الذي أشتغل فيه، وليس هناك أي فرق بين بلاد المخزن وبلاد السيبا في المغرب الأقصى من حيث تبني الدروع البشرية. فما فعله الموحدون باسم عصبية مصمودة وصنعته زناتة بيد المرينيين، وكذلك فعلت بنو زيري الصنهاجة في تونس، وبنو حماد إخوانهم بالجزائر، الذي لم يخضع بعد للتحولات القروية، ومما نتج عن أسلوب الدروع البشرية في تاريخ المغرب التخريب الذاتي. عمل المرينيون على تطوير الدروع البشرية، وطوروا أسلوبهم في التعامل مع القبائل العربية، فأصبحوا يلتمسون الود من العرب بإقامة علاقة المصاهرة معهم. ومما انجر عن الغزو العربي لبلاد المغرب الكبير نذكر بعض الفصول: - مساهمة العرب في الدفاع عن سيادة بلاد المغارب بصد الغزو النورماندي. «فاستطهرنا باستقدام قبائل العرب المطيفة بنا قأقبلوا أفواجا، احتاجت الدول التي قامت في المغرب، «إلى القبائل العربية لمواجهة أعدائها من الدول والقبائل المجاورة» ، - رغم دور العرب في نصرة الدول القائمة، فإن «مصالحهم رهن بضعف هذه الدول، - العرب عاثوا في أرض المغرب، نقلا عن ابن خلدون، يوم «دخلوا البلد واستباحوا واكتسحوا المكاسب وخربوا المباني، ورغم هذه الاستنتاجات السلبية استدركت الأستاذة فايزة محمد صالح أمين سجيى، لا ننكر أن عرب بني سليم وبني هلال ألحقوا بالمغرب الكثير من الدمار. ولكن المسؤولية أيضا تقع على حكومات المغرب الذين استعملوا العرب آداة ضد بعضهم البعض فخربوا بيوتهم بأيديهم»، ولتبرئة بني هلال وبني سليم أوردت الباحثة بعض النصوص الإيجابية للبكري، نتفق «بأن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده. لذلك فالمغلوب دائما شبه بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحوالها»، إلى مستوى أخذت فيه زناتة «تتنكر نسبها البربري (الأمازيغي)، وتحاول أن تتخذ لنفسها نسبا عربيا»، تلك هي الإشكالية التي تواجه المجتمع المغربي اليوم،