يبحث العديد من الباحثين عن العلاقة بين الفلسفة والعلم، خاصةً مع التصنيفات التقليدية التي ربطتهما، ثمّ فصلتهما لاحقًا. يتمثل الاختلاف الجوهري بينهما في نقطة البداية: ينطلق العلم من الواقع الجزئي المحدود، يدرس ظواهر محددة (كائنات حية، نباتات، كواكب)، بينما تنطلق الفلسفة من دراسة الكلّ، متجاوزةً الواقع المحسوس. يمتاز التفكير الفلسفي بالانتقال من الخارج للداخل، من العالم إلى الذات، بينما ينتقل التفكير العلمي بين موضوعات أو ظواهر حسية. يهدف العلم لاكتشاف القوانين العامة للظواهر، مُحوّلاً الخصائص الكيفية إلى كمية عبر الرياضيات، بينما تصف الفلسفة الخصائص الكيفية وعلاقة الإنسان بالكون. يتّسم العلم بالموضوعية، مُهملاً الجوانب الذاتية، ويركز على العلل القريبة، بينما تبحث الفلسفة في العلل البعيدة. يتّبع العلم منهجًا تجريبيًا (ملاحظة، فرضية، تجريب، قانون)، بينما يعتمد المنهج الفلسفي على التأمل (ضبط التصور، صياغة الإشكال، إقامة الحجة). على الرغم من اختلاف منهجيهما، يستفيد كلّ منهما من الآخر. أفادت تأملات الفلاسفة العلماء، كما وظّف الفلاسفة النظريات العلمية في فلسفاتهم، خاصةً في العصر الحديث مع ظهور فلسفات علمية كالوضعية والبرجماتية والتحليلية. رغم ذلك، يبقى منهج البحث مختلفًا: يبحث الفيلسوف عن العلة الكلية، بينما يبحث العالم عن العلل القريبة. يُبرز النصّ أهمية الفلسفة في موازنة التقدم العلمي، مُشيرًا إلى ظهور فروع فلسفية تطبيقية (فلسفة العلوم، البيئة، التاريخ) لتوجيه التقدم العلمي نحو تحقيق حياة إنسانية متوازنة، لا تقتصر على الإشباع المادي، بل تراعي الجوانب الأخلاقية والدينية.