وكان للعلماء المسلمين اليد الطولى والفضل الأكبر في تطور العلوم الرئيسية وعلى رأسها الرياضيات بكل علومها المعقدة ومنها الجبر والهندسة والحساب والمقابلة وأقسام العدد والعددان المتحابان وخواص الأعداد والكسور والضرب والقسمة والمساحة للأشكال الهندسية وقوانين الأشكال الهندسية والجذور والإحصاء وغيرها من العلوم الرياضية المعقدة ، فحسبك الخوارزمي محمد بن موسى المتوفى بعد سنة 232 هـ . إضافة إلى إبداعاته في نظام الأرقام والأعداد وعلم الحساب والمتواليات العددية والهندسية والتآلفية والمعادلات الجبرية والجذور واللوغارتمات والفلك والمثلثات والأرقام الهندية والطريقة البيانية لإيجاد الجذور =، ولنأخذ مثالا واحدا من هؤلاء الأماجد وهو أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم التميمي الشافعي البغدادي صاحب المعارف الواسعة في أمور الدين والفقه واللغة والحساب والهندسة وله مؤلفات عديدة أهمها (الملل والنحل)، (أصول الدين في علم الكلام)، لقد شكلت مباحث هذا العلامة تراثا علميا خالدا حمل معه طابع الأصالة والابتكار. فقد بحث في مختلف جوانب علم الحساب والهندسة والأعداد جمعا وتفريقا وتضعيفا وضربا وقسمة وكيفية إخراج الجذور في الأعداد الصحيحة وغير الصحيحة والكسور بين صورها وطرق جمعها وتفريقها وضربها وقسمتها واستخراج جذور الكسور التربيعية والتكعيبية والضرب والقسمة باستخدام الهندسة والأعداد المتناسبة والجذور ومسائل العدد وخصائصه وتطبيقاته في المعاملات والصرف وتحويل الدراهم والدنانير والأجرة والربح والخسارة والزكاة والجزية والخراج وحساب الأرزاق والبريد والثلاثي والأعداد المضمرة وغيرها من علوم الحساب. وأما في الهندسة فقد أوضح مساحات الأشكال للمثلث والمربع والدائرة والمجسمات، وفي المسائل العلمية في حفر الآبار وبالأشكال الهندسية الدقيقة التي أثبتت مقدرة رياضية فائقة . ولكن للأسف الشديد بدون الإشارة إلى فضل عالمنا عبد القاهر البغدادي وغيره من علمائنا العظام الذين كان لهم قصب السبق في اكتشاف وابتكار أفضل طرق حل المسائل الرياضية وأسلوب عرضها ، ولنأخذ مثالا واحدا من الأمثلة التي ذكرها البغدادي ونقارنه بأحد الأمثلة الحديثة ، لنرى كيفية عرض هذا العالم الجليل لمسائله الرياضية : فقد ذكر عبد القاهر البغدادي عند عرضه لمسائل البريد المثال الآتي : (عاملي بريد إن خرج أحدهما من بغداد إلى الكوفة يسير كل يوم ثلث الطريق وخرج الآخر في تلك الساعة من الكوفة إلى بغداد ، وهذا المثال يثار بالسؤال الآتي الذي نعلمه لطلبتنا في الوقت الحاضر وهو : (قطاران أحدهما من بغداد إلى الموصل يقطع كل يوم ثلث المسافة ، وسار الآخر في تلك الساعة من الموصل إلى بغداد ويسير كل يوم ربع المسافة، ومن هؤلاء النسوة عالمة الرياضيات العربية أمة الواحد ستيتة المحاملي البغدادية المتوفاة سنة 377 هـ.