الذكاء الاصطناعي اليوم أصبح مفهوما متداولا جدا وقد دخل على جميع المجالات العلمية التقنية منها وحتى العلوم الإنسانية. الهواتف الذكية بين ايدينا وأجهزة التلفاز المتواصلة في بيوتنا خير دليل على ذلك. علم الذكاء الآلي في حد ذاته ليس بعلم جديد في العالم الأكاديمي ولا حتى التجاري لكن دمقرطته اليوم سمحت بتداوله كمفهوم جديد، زاد من ذلك انتشار الأجهزة الرقمية المتصلة وظاهرة البيانات الضخمة حيث أصبح المرء وان لم يكن متخصصا في المعلوماتية يتحدث عن الذكاء الاصطناعي ويربطه عادة بالأجهزة التكنولوجية المبتكرة مع انه ليس كل شيء مبتكر مرتبط حتما بالقدرة على التفكير الذاتي. الذكاء الاصطناعي تقنيا وليد مجالين علميين: علم السلوكيات والعصبيات وعلم الإعلام الآلي أو كما يسمى حديثا بعلم المعلوماتية (للتفرقة الصحيحة بين المجالين بالنسبة للمتخصصين في علم الأوتوماتيكيات والعلوم الدقيقة). يكون البرنامج ذكيا إذا قام تلقائيا بسلوك غير مبرمج مسبقا حيث يستطيع من نفسه اخذ قرارات جديدة للتكيف مع حالته وحالة محيطه عبر الزمن. إن خصائص الذكاء الاصطناعي من التصرفات التلقائية والتطور الذاتي والتعلم الآلي التلقائي توحي بفكرة حرية الآلة المطلقة في أخذ القرارات في المستقبل القريب ومنه التخوفات المتصاعدة حاليا على الساحتين الإعلامية والأكاديمية. لكن الواقع التقني والعوائق الأخلاقية والتكنولوجية تقول غير ذلك وهذا ما سنحاول إثباته من خلال مقالتنا هذه.