ولذلك عشت وحيدا لا اجد من اتحدث مع حديثا جديا حتى ذلك اليوم الذي تعطلت فيه طائرتي منذ سنوات في الصحراء الافريقية فبسبب خلل في محرك الطائره اضطررت للهبوط في الصحراء الافريقية ولما لم يكن معي ميكانيكي ولا ركاب استعددت لاصلاح العطب بنفسي رغم انه أمر صعب وكان الأمر بالنسبة لي قضية موت او حياة ولم يكن لديه ما يكفيني من ماء الشرب مدة اسبوع واحد في ونمت في الليله الاولى على الرمل على بعد الف ميل من اقرب مكان فيه سكان ولقد كنت اكثر عزله من رجل تحطمت سفينته ويطفو على خشبة وسط المحيط ولكم ان تتخيلوا ما مفاجأتي عندما صحوت مع مطلع النهار على صوت خافت مضحك يقول ارسم لي خروفا من فضلك قلت ماذا قال ارسم لي خروفا فنهضت مذعورا اقف على قدمي كالذي اصابته صاعقة واخذت افرك عيني ثم نظرت حولي مليا فاذا بي ارى صبيا غريبا بهيئه فيها رصانه ووقار يحدق في وينظر الي باهتمام كبير وقد رسمت فيما بعد بصور عديدة وهذه الصوره التي ترى هي افضلها ومن المؤكده ان الرسم اقل تعبيرا وجمالا من الحقيقه وليس ذلك ذنبي لقد ثبط الكبار عزيمتي عن مسلك الرسم عندما كنت في السادسه من عمري وما كنت تعلمت من فن التصوير سوى رسم افاعي البواء من الداخل والخارج كنت انظر في هذا الشكل الذي امامي بعينين تجحظان من الدهشه ولا تنسوا اني كنت على بعد الف ميل من كل ناحية معمورة ومع هذا لم تظهر عليه علامات التيه او التعب والجوع والعطش ولا الخوف لم تكن تبدو عليه مظاهر طفل تائه وسط صحراء مقفره بعيدة مسافة الف ميل عن البلاد المسكونة ولما رجع الي وعيي وتمكنت من الكلام قلت له وانت ماذا تفعل هنا لم يجيبني عن سؤالي ورد علي بهدوء ردا جديا وكأن الامر ذو اهمية عظيمة ارسم لي خروفا من فضلك وحيال هذا السر الغامض الذي حدث معي لم اجرؤ على العصيان ومن شدة الدهشة والغرابة في هذا المكان البعيد مسافة الف ميل من السكان وخوفا من الموت الذي يحيق به اخرجت من جيبي ورقة وقلم حبر ثم تذكرت بأني درست في المدرسة الجغرافيا والتاريخ والحساب وقواعد اللغة فقلت للصبي الصغير بشيء من الضجر والغضب اني لا احسن الرسم فرد علي لا بأس ارسم لي خروفا ولأني لم ارسم خروفا من قبل رسمت له احد الرسمين الوحيدين اللذين استطيع فعلهما رسم افعى البواء الهاضمة من الخارج وذهلت جدا عندما سمعت الصبي الصغير يقول لا لا لا اريد افعى البواء تهضم فيلا افاعي البواء الهاضمة خطيرة جدا والفيلة ضخمة جدا وموطني صغير وضيق اريد خروفا ارسم لي خروفا فرسمت له خروفا نظر اليه بتأمل شديد ثم قال لا لا هذا خروف مريض جدا ارسم لي خروفا اخر فرسمت غيره فابتسم ابتسامة لطيفة وقال مترفقا بجهلي الا ترى جيدا ليس هذا خروفا هذا كبش وله قرنان فرسمت له مره اخرى ولكنه رفضه كما رفض الرسوم السابقة ثم قال: هذا خروف هرم جدا اريد خروفا فتيا يعمرطويلا عندئذ فرغ صبري وكنت في عجلة من امري وانوي الاسراع في تفكيك المحرك ولذلك خربشت له بسرعة الذي تراه ادناه ثم قلت موضحا : هذا صندوق والخروف الذي تريده يوجد في داخله نظرت اليه فوجدت وجهه يتهلل ويمتلئ اشراقا وعجبت لأمر هذا الفتى الذي جعل نفسه حكما في رسمي ثم قال: هذا فعلا كل ما كنت اريده! ولكن اتظن أن هذا الخروف يحتاج الى كثير من العشب ؟ قلت : لماذا قال: لأن موطني صغير جدا قلت : مهما يكن صغيرا فكن على يقين بأن عشبه سيكفيه لأني اعطيتك خروفا صغيرا فأحنى رأسه على الرسم وقال: لا اراه صغيرا بالقدر الذي تتخيله انظر! لقد ذهب لينام هكذا تعرفت الى الأمير الصغير