سنة التحول الكبير في تاريخ الحركة الدوناتية بعد القرارات التي اتخذها الأمبراطور فلسطانس ‏(constantus) الذي خلف أباه المتوفي عام 337م، و الذي حاول السير على خطى والده، بتوحيد المسيحيين و يقضي على أسباب الفتن و الثورات في أفريقيا فبدا له أن أسباب الانشقاق المسيحي والقلاقل الاجتماعية والتحركات الثورية تتمثل في الفقر والشقاء، ولتنفيذ مخططه أرسل محافظين إلى أفريقيا وهما ماکاریوس (acrius) و بوليس (Paulus)، راحوا يوزعون إعانات على الناس لاستمالت قلوبهم نحو السلطة، لكن دوناتوس رد على مبعوثي الأمبراطور بقوله أنه كما ليس من حق الأمبراطور التدخل في شؤون الكنيسة. ما دفع الجيش للتدخل لتطبيق أوامر الأمبراطور المتعلقة بتوحيد الكنيسة فضرب الرافضين بقوة خاصة في مدينة باغاي التي حولها دوناتوس إلى معقل للمقاومة وجعل من كنائسها مخازن تموين للمدافعين عن الدوناتية فسقط ضحايا كثيرون في بغاي و فجزيلا وتيفاست و غيرها، وصودرت الكنائس الدوناتية وممتلكاتها ووضعت في أيدي الكاثوليك الذين كان أساقفتهم يتقدمون الجيش المهاجم، وهو ما زاد في العداء الشعبي ضد الكنيسة الرسمية بالمقابل زادت شعبية الحركة الدوناتية التي ادانت بدورها الكنيسة الرسمية من خلال أحد النصوص الدوناتية التي أوردها بريصون اشتركت الكنيسة الرسمية في التمييز الاجتماعي ما بين الخير والشر، إن هؤلاء الخونة اضطهدونا وطلبوا منا أن ترسل عرائض افتراء إلى الأمراء، لقد هددونا بالأبعاد و النفي من أجل حث أتباع دوناتوس لقتل القدسيين، لقد قتل عدد كبير من القدسيين المحترمين و البعض الآخر منهم تعرض للنفي وصارت النصرانية أكثر تأثيرا. كما أن العذاري الطاهرات قد تعرضن للاغتصاب وأبعد الأغنياء وجرد الفقراء وتم الاستيلاء على المعابد وهرب الأساقفة ولا أحد يعلم بالجرائم التي حدثت لقد اتسعت الهوة بين المسيحيين وأضطهد المدنيين وسلب رجال الدين واختلست المعابد، وفي مدينة باغاي وحدها سالت دماء عدد كبير من المسيحيين كالمياه. ونظرا لقوة الإضطهادات بعد المهمة الدموية التي قادها "ماكاريوس" واغتيالات باغاي عقد مجمع دوناتي في نوميديا للتدخل لوقف أعمال العنف قال عنه أحد كتاب الحركة الدونائية اجتمع الأساقفة وأرسلوا بالإجماع عشرة من الأساقفة الذين يشهد لهم بالبراعة ومختارين من طرف المجمع، وحملوا على ماكاريوس تحذيرات شديدة ليكف عن جرائمه التي راح ضحيتها عدد كبير في ساحة المعركة". لكن هؤلاء الممثلين العشرة اصطدموا بممثل الأمبراطور في فيجزيل " حيث رد عليهم ماكاريوس بعنف حيث ضربهم بالعصي وسجن البعض منهم، وهي الأحداث التي أدت إلى تلاحم الدوناتية بالثوار الريفيين الذين صاروا يلقبون بجنود المسيح Militites christi). وأصبح رؤسائهم يلقبون برؤساء القديسين وكان من بين المسجونين " دوناتوس " حيث نفي وصودرت ممتلكات الكنائس الدوناتية ومعابدها. وبدا قراتوس في خطابه في المجمع مبتهجا وحمد الله على عونه في القضاء على المنشقين الذين عادوا إلى الكنيسة الرسمية حسبه. وانتخب بر بتولي الأمبراطور جوليان العرش (361م - 363م) ألغى سياسة سلفه وسمح بحرية العبادة، وهو ما استفاد منه الدوناتيون واستعادوا كنائسهم وعاد منفيوهم بعد مرسوم 362م والذي يقضي بحقهم في استعادة حقوقهم لكن لما مات بعد 20 شهرا من الحكم سنة (363م) اشتعلت الفتنة من جديد إذ تشير تقارير حكام المقاطعات الإفريقية إلى الاغتيالات والنهب والسلب منها تقرير لحاكم القيصرية أثينيوس (Athenius) الذي أشار إلى تلك الأعمال، ونفس السياسة انتهجها الأمبراطور فالنتيانوس (Valentianuus) بعد موت جوليان سنة 363م حيث أراد أن يحافظ على التوازن بين المسيحية لكن استعادت الدوناتية لقوتها أدى بالأمبراطور فالنتيان للسعي لضرب الدوناتية والعمل على إحداث انشقاق داخلي فيها و هو ما نجحت فيه فيما بين 370م و 375م، بأن انشق عليها وأسس كنيسة موازية و هو ما يعرف بفرع روفاتوس (Pars Rogatus) لكن الحوادث التي جرت في المنطقة قد أدت إلى إخماد هذه الحركة الجديدة، ذلك أن الدوناتية تحالفت مع الثوار الريفيين وتمكنت من السيطرة على كامل أفريقيا. رغم الإجراءات التي اتخذها الأمبراطور بإصدار قرارات في 17 أكتوبر 377م إلى كاهن أفريقيا يحدد له فيها حظر أعادة التعميد وإصداره أمر بنفي كلوديانوس (Claudianius) ممثل الدوناتيين في روما وواحد من أعداء البابا داماس (Damas) سنة 378م.