فهما أصلُ وجودِ الإنسان، وإنما تكرَّرَ الأمر بالإحسان في حقِّ الوالدين في قوله تعالى: (وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا)إكرامًا لحقّهما وإجلالًا. أبواب برّ الوالدين كثيرة إن تكليفَ الله -سبحانه- للابن بِبرِّ والدَيه؛ إنّما هو في حقيقة الأمرِ وصية للابن نفسه، بدايةً بالأجر والثواب في صغرِه، فينالُ الفضلَ والخيرَ من بابيه، حين يمتثل قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ)، ٢] والبرَّ يشمل أوجه الخيرِ كلَّها، فالأبوان يريان في ولدِهما امتدادًا لأعمارهما. إضافةً إلى جانب آخر سلوكيّ من خلال إدخالَ السرور عليهما؛ وذلك بالملاطفة ولين الكلام وخفض الجناح، والدعاء والاستغفار لهما في حياتهما وبعد وفاتهما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (رضى الربِّ ‌في ‌رضى ‌الوالد، ٣] فكيف لا يحرِص المسلم على أبواب البرِّ مع والديه؟ الوالدان سبب في التنشئة والنعمة التي يرزقها الله للطفل أيام ضعفه حتى يكبر ويشتد عوده، ثم يَنفلت طيشُه مع أقربِ الناس إليه؟ فيُقابل بالإساءة فضلهم عليه، ويتجاهلُ صريحَ الآيات المفصِّلة لما في ذمّة الولد تجاه والديه من الواجبات، والتي جمعتها سورة الإسراء في خمسة أوامر جعلها الخالق قرينة للعبودية له. وكل هذا قد ضمنته الأحاديثُ النبوية الصحيحة، لمن تنافسَ في القيام بواجب برِّ الوالدين والإحسان لصحبتهما، وضربت الأحاديث للناس الشواهدَ على أثر البرِّ في سعةِ الرزق وبركة العمر،