فمن هو ابن الرومي؟ وكيف قتله شعره؟ وبرغم طول هذه المدة، إلا أنه كان منبوذاً من الحاكم في كل مرة يعد ابن الرومي من نخبة الشعراء العباسيين، بغدادي المولد رومي الأصل وأمه فارسية، شهدت حياته الكثير من المآسي والشدائد التي جعلت منه شخصية مزاجية تميل إلى الكآبة والانغلاق، ومن هذه المحن التي عصفت به وفاة والديه وأخيه الأكبر، وبعد زواجه توفيت زوجته وأولاده الثلاثة، وفي ذلك يقول الناقد المصري الراحل طه حسين "كان سيء الحظ في حياته، وكان مُحسداً أيضاً، حاد الحس جداً، وتبكي، وعند الحديث عن شعره، وبالرغم من أن الهجاء قد حاز على حصة الأسد من مجمل أشعاره؛ والفخر، وقد تميزت قصائده بالحيوية، وصدق الإحساس الذي يخترق حدود البيت الشعري، والاهتمام بالتناغم الشعري والقافية. ومن المعلوم قديماَ أن العلاقة بين الشعراء والملوك كانت علاقة استثنائية، حيث كان الشعراء بمثابة الواجهة الإعلامية للملوك، بينما كان الملوك يمثلون المال والحماية والرتبة بالنسبة للشعراء، وبرغم طول هذه المدة، لا يُقبل له شعر، ولا يغترف من عطايا الحاكم شيئاً، فما كان منه إلا أن استغل شعره في هجاء كل من حوله، وقد قال المؤرخ المرزباني عنه "لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه ولذلك قلتّ فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء". وقد كان التخلص من ابن الرومي مطلباً للعديد من الوزراء والحكام، حتى يتخلصوا من لسانه الحاد المسلط عليهم، فما كان من وزير المعتضد القاسم بن وهب إلا أن خطط لقتل ابن الرومي مسموماً خوفاً من أن تطاله سهامه بالهجاء، ويعطي مفعوله، فقرر ابن الرومي ترك المجلس، فسأله الوزير ساخراً : إلى أين أنت ذاهب؟ فأجابه: إلى المكان الذي بعثتني إليه! فقال له الوزير: سلم على والدي، فأجابه ابن الرومي: ليس طريقي النار! ثم توفي، حتى عند آخر أنفاسه، ليختتم حياته على ما كانت عليه دوماً، ويترك لنا إرثاً أدبياً عظيماً لا مثيل له،