المبحث الأول الطابع الاجتماعي لقواعد نظام العمل لاشك أن الوضع السيء الذي آل إليه حال العمال ، دفع المنظم إلى التدخل لتنظيم علاقات العمل لإعادة التوازن إلى تلك العلاقات غير المتكافئة ، ولذلك لم يكن أمام المنظم من وسيلة لجعل هذا التدخل فعالاً ومؤثراً ، سوى إسباغ صفة النظام العام على قواعد نظام العمل، وجعلها قواعد أمرة لا يجوز الاتفاق على العلاقة لتمكن صاحب العمل - بما يتمتع به من قوة اقتصادية ومركز اجتماعی من قرض شروط على العامل تنتقص من الحقوق التي نص عليها نظام العمل و بالتالي فقدت تلك الأحكام فعاليتها . وحماية العامل وإيجاد التوازن بين حقوقه وحقوق صاحب العمل "153 أولاً: بطلان الشرط المخالف لنظام العمل: ويبطل كل إبراء، أو مصالحة عن الحقوق الناشئة للعامل مالم يكن أكثر فائدة للعامل". سواء ورد هذا الشرط في عقد العمل ، وهذا ما قضت به الهيئة العليا لتسوية 83 وإلا وجب إبطال الشروط المخالفة، وإعمال أحكام النظام" 154 إذا كان من شأن تلك المخالفة توفير حماية أكبر للعامل (155) لهذا فإن قواعد نظام العمل تجسد حداً أدنى لما يجب أن يتمتع به العامل من حقوق ، وهذا ما يُعطي لقواعد نظام العمل سمة خاصة تميزها عن غيرها من القواعد القانونية الأمرة ، لذلك اعتبرت قواعد نظام العمل من النظام العام الاجتماعي order public social تمييزاً لها عن قواعد النظام العام التقليدي ، وتطبيقاً لذلك نصت المادة الثامنة " يبطل كل شرط يخالف أحكام هذا النظام. ثانياً: بطلان تنازل العامل عن حقوقه رأينا أنه إذا تضمن الاتفاق ( العقد ( بين العامل وصاحب العمل شروطاً تخالف قواعد نظام العمل، ما لم تكن هذه الشروط أكثر فائدة العامل من نصوص نظام العمل، ولكن السؤال بثور بشأن الاتفاق الذي يتنازل العامل بموجبه عن بعض حقوقه بعد نشونها؟ الاتفاق على مخالفة قاعدة قانونية أمرة، وبالتالي، وطبقا للقواعد العامة فليس هناك ما يمنع العامل من التنازل حقوقه أو التصالح عليها بعد نشوئها. إلا أن نظام العمل لم يأخذ بحكم القواعد العامة على إطلاقه، إذا تمـ مواجهة صاحب العمل، كذلك فإن الحاجة قد تدفع العامل إلى التصالح على حقوقه ، استعجالاً لقبض ما تبقى له من حقوق لدى صاحب مصالحة عن الحقوق الناشئة بموجب هذا النظام ، ويبطل كل إبراء ، أو عقد العمل، يكن أكثر فائدة للعامل ". ويلحظ أن الصلح أو التنازل عن حقوق العامل لا يكون باطلاً إلا إذا كان مخالفاً للأحكام الواردة في نظام العمل، بمعنى لو كان عقد العمل نص على حقوق للعامل زيادة على ما ينص عليه نظام العمل، وقضت الهيئة العليا لتسوية لتسوية الخلافات العمالية " ببطلان أي إبراء أو مصالحة عن الحقوق الناشئة عن عقد العمل أثناء سريان عقد العمل ما لم يكن أكثر فائدة للعامل 157 ويلحظ أن الهيئة لم تشترط أن تكون كذلك فإن الصلح أو الإبراء لا يكون باطلاً سنداً للمادة الثامنة من نظام العمل ، إلا إذا تم خلال فترة سريان العقد، ثالثاً: الجزاء الجنائي عند مخالفة نظام العمل: خلافاً لقواعد القانون المدني قانون المعاملات المالية ) التي يترتب على مخالفتها جزاءات مدنية من بطلان وتعويض . ولما كانت قواعد نظام العمل من النظام العام . لم يكتف المنظم بأن جعل البطلان جزاءً لكل شرط مخالف لأحكام نظام العمل، معتبراً تلك المخالفة جريمة يعاقب عليها القانون، النهاية مصلحة العامل ، وبالتالي مصلحة المجتمع ككل قد لا يضمن كل ذلك احترام قواعد نظام العمل ذلك الأمر قد حمل المنظم على ارات الصادرة تنفيذاً له. والله 161 لهذا يمكن القدر مراقبة تطبيق أحكام نظام العمل ، يحددهم الوزير أو من يفوضه والاختصاصات المنصوص عليها في هذا النظام العمل - بالإضافة إلى الشروط العامة في تعيين الموظفين أن يكون متصفاً بالحياد ، وأن يكون قد اجتاز فحصاً مسلكياً بعد قضائه فترة تدريب لا تقل عن والقيام فيها بأي فحص أو تحقيق لازم للتأكد من سلامة تنفيذ القانون، سؤال صاحب العمل أو من يمثله ، أو العمال ، أخذ عينة أو عينات من المواد المستعملة أو المتداولة في العمليات الصناعية وغيرها من الخاضعة للتفتيش ، مما يضن أن لها أثراً ضاراً على صحة العمال أو سلامتهم، لهذا يجوز أن يشترك في التفتيش أطباء ومهندسون وكيميائيون واختصاصيون في السلامة والصحة المهنية 165 . كذلك يلتزم أصحاب العمل ووكلائهم أو مفوضيهم، أن يقدموا للمفتشين التسهيلات اللازمة للقيام بأداء واجبهم ، وأن يقدمو لهم ما يطلبونه من بيانات تتعلق بطبيعة عملهم، إذا ما طلب منهم ذلك. رغم أن الفقرة الأولى من المادة الثامنة والتسعين بعد المائة منحت 88 سواء مفتشي العمل الدخول إلى أماكن العمل فى أى وقت من أوقات النهار أو الليل. كان العمل يتم ليلا أو نهارا، لذلك فإن مشروع تعديل نظام العمل أضاف للفقرة المشار إليها عبارة " أثناء وقت عمل المنشأة " ولهذا لا يجوز تكليف صاحب أن يقتصر على أماكن العمل، دون أن يمتد إلى المسكن الشخصى لصاحب العمل يفتح محله خارج ساعات العمل لإجراء التفتيش، كما أن التفتيش يجب وإذا تحقق المفتش أثناء التفتيش من وجود مخالفة لأحكام نظام العمل أو اللائحة أو القرارات الصادرة تنفيذاً له، فعليه تحرير محضر ضبط بالمخالفة وفقاً للأحكام الواردة فى اللائحة التنفيذية لضبط أعمال التفتيش وتنظيمها، تعديل نظام العمل على رفع المحضر إلى الوزير لإصدار قرار بذلك. ويلتزم مفتشو العمل بأداء عملهم بكل أمانة وإخلاص، يتضمن التزامهم بأداء عملهم بكل أمانة وإخلاص المبحث الثاني إن نظام العمل وإن كان يعتبر فرعاً من فروع القانون الخاص، فيترتب على ذلك خضوع نظام العمل في تفسيره لقواعد خاصة به. ولهذا يتعين عند تفسير قواعد نظام العمل أن تعتبر جميع نصوصه وحدة واحدة، يكمل بعضها البعض، فالنقص أو الغموض الذي يلف أحد نصوصه يمكن استكماله أو تداركه من واتفاقيات العمل العربية الصادرة عن منظمة العمل العربية ، حيث إن تلك الاتفاقيات بعد التصديق عليها من السلطات المختصة في الدولة تعتبر بمثابة التشريعات الداخلية . ويتعين عند تفسير قواعد نظام العمل احترام المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا القانون، كحرية العمل وحق العمل . فتفسير قواعد نظام العمل يجب ونظراً لأن نظام العمل يهدف إلى حماية العامل، وفقاً لما هو أصلح للعامل ، كلما كانت منطقية تمليها روح القانون وأغراضه، أو إقامة توازن بين مصالح العمال كذلك لا مجال لاعمال قاعدة التفسير الأصلح للعامل إذا كان المنظم يقصد من وأصحاب العمل ، وخروجا على قصده. فإن التفسير لصالح العامل وحده يعتبر يعتبر مخلا بالتوازن المطلوب في هذه الحاله المبحث الثالث لذلك كان من اللازم، لبلوغ لأن المنظم لا ينظر إلى العمل بحد ذاته، ليضع له قواعد عامة تطبق دون الأخذ بعين الاعتبار نوع العمل أو صفة القائم به . بل يحرص المنظم على أن ينظم كل حالة على حده ، ويضع لها من الأحكام ما يتلاءم مع طبيعة العمل، وظروف العامل ، وإمكانية صاحب العمل الاقتصادية (172). ولذلك تختلف قواعد نظام العمل بحسب حجم المشروع وعدد عماله (173) ، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة التاسعة والخمسون بعد المائة عمل " على كل صاحب عمل يشغل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات ، لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات ، وذلك إذا بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر " ويعتقد البعض (174) أن هذه التفرقة بين المشروعات حسب حجمها وعدد عمالها، إلا أنها تعبر عن حقيقة مؤداها ت قواعد نظام العمل لا تتأسس على اعتبارات اجتماعية وإنسانية فحسب، وعدم تحميلها بأعباء لا تستطيع النهوض بها. تأخذ بعين الاعتبار أيضا الاعتبارات الاقتصادية التي تقتضى الإبقاء على كما أن ظروف العمل في الصناعة والزراعة يباشره العامل (175) La nature des activities ، حيث منع المشرع إبقاء العامل فى أماكن العمل مدة تزيد على عشر ساعات في اليوم (المادة الثامنة والثمانون بعد المائة عمل). كذلك قد تختلف أحكام نظام العمل من حيث السن والجنس، تختلف عن ظروف المرأة العاملة، والذلك فقد نظم المشرع كل نوع من الأعمال السابقة بقواعد خاصة، وهذا الطابع الواقعي لنظام العمل، هو الذي فتح الباب واسعاً كما وضحنا سابقاً أمام التشريعات الفرعية، فالمنظم لا يورد في التشريع العادي وى القواعد الأساسية تاركاً للسلطة التنفيذية تكملة عمله عن طريق إصدار لتنظم الأوضاع الواقعية بما يناسب ظروفها المبحث الرابع الصياغة الخاصة بقواعد نظام العمل