تُعَدُّ مرحلة ما قبل الكتابة إحدى الفترات الجوهرية في تطور الطفل، إذ تشكّل الأساس الذي يُبنى عليه تعلم الكتابة لاحقًا. يبدأ الطفل في تطوير مجموعة من المهارات الأساسية التي تمهّد له الطريق لاكتساب القدرة على الكتابة بطريقة طبيعية وسلسة. وتشمل هذه المهارات تحسين التحكم في الحركات الدقيقة للأصابع واليدين، بالإضافة إلى توسيع الحصيلة اللغوية التي تساعده على التعبير عن أفكاره بشكل أكثر دقة. يُعَدُّ دعم هذه المهارات في سن مبكرة خطوة ضرورية لضمان انتقال الطفل بسلاسة إلى مرحلة الكتابة الفعلية دون مواجهة صعوبات تعيق تقدمه. برزت الكتب التفاعلية كوسيلة تعليمية مبتكرة تلعب دورًا مهمًا في تعزيز هذه المهارات، حيث تتجاوز وظيفتها التقليدية كمصدر للمعلومات لتصبح أداة ديناميكية تُحفِّز الطفل على التعلُّم من خلال المشاركة النشطة. تعتمد هذه الكتب على الجمع بين المحتوى النصي والعناصر الحسية المختلفة مثل الطي، مما يثير فضول الطفل ويجعله أكثر تفاعلًا مع المواد التعليمية المقدمة. هذه الأساليب المتنوعة تسهم في تنمية قدرته على التركيز والانتباه، وتحفيز حواسه المختلفة، مما يعزز عملية التعلم بشكل أكثر فعالية. ولا تقتصر أهمية الكتب التفاعلية على الجانب الترفيهي فحسب، بل تؤدي دورًا محوريًا في تحسين التنسيق بين العين واليد، وهو عامل أساسي في تنمية مهارات التحكم الحركي الدقيق اللازمة للكتابة. كما تساعد هذه الكتب في إثراء المفردات اللغوية لدى الطفل، إذ تجعله يتفاعل مع الكلمات والصور بطريقة أكثر مباشرة وملموسة، مما يسهم في تعزيز إدراكه اللغوي وتطوير قدرته على الربط بين الرموز البصرية والمعاني. وبالنظر إلى هذه الفوائد، تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف تأثير الكتب التفاعلية على تنمية مهارات ما قبل الكتابة لدى الأطفال، مع التركيز على الجوانب الحركية والإدراكية واللغوية التي تسهم في تعزيز استعدادهم لمهارات الكتابة المستقبلية، بما يضمن لهم انطلاقة قوية في رحلتهم التعليمية.